قصة قصيدة اسمع حديثا كما يوما تحدثه
أمّا عن مناسبة قصيدة “اسمع حديثا كما يوما تحدثه” فيروى بأن عدي بن مرينا كان يكره عدي بن زيد، ويبغضه على المكانة التي وصل إليها عند ملك الفرس، وبسبب ذلك اتفق هو وجماعة من أصحابه على أن يجعلوا النعمان يكرهه، فقال لهم عدي: سوف أقوم بذكر عدي بن زيد عند النعمان بخير، فإن فعلت ذلك، تجيبوني بأنه كذلك، ولكنه يقول بأن النعمان عامله عند العرب، وهو مالم يقله عدي بن زيد، فأصبح عدي بن مرينا يدخل على النعمان، ويذكر عدي بن زيد بالخير أمامه، فيقوم أصحابه ويقولون بأنه كذلك، ولكنه يقول بأن الملك هو عامل له، وبقوا يفعلون ذلك حتى بغضه النعمان وغضب منه غضبًا شديدًا.
وفي يوم من الأيام بعث النعمان إلى عدي بن زيد بأنه قد اشتاق إلى رؤياه، وكان عدي وقتها في بلاد الفرس، فاستأذن من ملك الفرس، توجه إلى النعمان، وعندما وصله، وضعه في السجن، وبينما هو في السجن أنشد قائلًا:
إسَمع حَديثاً كما يَوماً تُحَدِّثُهُ
عَن ظَهرِ غَيبٍ إذا ما سائِلٌ سَأَلا
أَن كيفَ أَبدَى إلَهُ الَخلقِ نِعمَتَهُ
فِينَا وعَرَّفَنَا آياتِهِ الأُوَلا
كانَت رِياحاً وماءً ذا عُرانِيَةٍ
وظُلمَةً لَم يَدَع فَتقاً ولا خَلَلا
فأَمَرَ الظُّلمَةَ السَّوداءَ فَانكَشَفَت
وعَزَلَ الماءَ عَمَّا كانَ قَد شَغَلا
وبسط الأرض بسطاً ثُمّ قدّرها
تحت السَماء سواءَ مِثل ما فعلا
وَجعَلَ الشَّمسَ مِصراً لا خَفَاءَ بِه
بَينَ النَّهَارِ وبَينَ اللَّيلِ قَد فَصَلا
قَضَى لِسِتَّةِ أَيَّامٍ خَليِقَتَهُ
وكانَ آخِرهَا أَن صَوَّرَ الرَّجُلا
دَعَاهُ آدَمَ صَوتاً فاستَجابَ لَهُ
بِنَفحَةِ الرُّوحِ في الجِّسمِ الَّذي جبِلا
ثُمَّتَ أَورَثَهُ الفِردَوسَ يَعمُرُها
وزَوجُهُ صُنعَةً مِن ضِلعِهِ جَعَلا
وقال أيضًا:
لَم ينَهَهُ رَبُّهُ عَن غَيرِ واحِدَةٍ
مِن شَجَرٍ طَيِّبٍ أَن شَمَّ أَو أكَلا
فكانَتِ الَحيَّةُ الرَّقشَاءُ إذ خُلِقَت
كما تَرَى نَاقةً في الَخلقِ أو جَمَلا
فَعَمَدا لِلَّتي عَن أَكلِها نُهِيا
بأَمرِ حَوَّاءَ لَم تَأخُذ لَهُ الدَّغَلا
كِلاَهُمَا خاطَ إذ بُزَّا لُبُوسَهُمضا
مِن وَرَقِ التِّينِ ثَوباً لَم يَكُن غُزِلا
فَلاَطَها اللهُ إذ أَغوَت خَليفتهُ
طُول اللّيالي ولم يجعل لها أجلا
تَمشي عَلَى بَطنِها في الدَّهرِ ما عَمَرَت
والتُّربُ تأكُلُهُ حُزناً وإن سَهُلا
فأَتعَبا أَبَوانا في حَياتِهِما
وأَوجَدا الُجوعَ والأَوصابَ والعِلَلا
وأُوتِيا المُلكَ والأنجيلَ نَقرَؤُهُ
نَشفي بِحِكمتَهِ أَحلامَنا عِلَلا
مِن غَيرِ ما حاجَةٍ إلاَّ لِيجعَلَنا
فَوقَ البَرِيَّةِ أَرباباً كما فَعَلا
نبذة عن عدي بن زيد
هو عدي بن زيد بن حماد بن زيد بن أيوب العبادي التميمي، شاعر نصراني من شعراء العصر الجاهلي، ولد في العراق، وأصبح كاتبًا عند ملك الفرس.