قصة قصيدة بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا
أمّا عن مناسبة قصيدة “بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا” فيروى بأن الحارث بن ورقاء الصيداوي في يوم من الأيام أغار على إبل تعود إلى قوم عبد الله بن غطفان، وكان من بين إبل القوم إبلًا لزهير بن ابي سلمى، فأخذها الحارث مع الإبل التي أخذها، وأخذ معه أيضًا الراعي الذي كان يرعاها، وعندما وصل خبر ذلك إلى زهير بن أبي سلمى، بعث بكتاب إلى الحارث بن ورقاء، وكتب فيه:
بانَ الخَليطُ وَلَم يَأوُوا لِمَن تَرَكوا
وَزَوَّدوكَ اِشتِياقاً أَيَّةً سَلَكوا
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحَيِّ فَاِحتَمَلوا
إِلى الظَهيرَةِ أَمرٌ بَينَهُم لَبِكُ
ما إِن يَكادُ يُخَلّيهِم لِوِجهَتِهِم
تَخالُجُ الأَمرِ إِنَّ الأَمرَ مُشتَرَكُ
ضَحَّوا قَليلاً قَفا كُثبانِ أَسنُمَةٍ
وَمِنهُمُ بِالقَسومِيّاتِ مُعتَرَكُ
ثُمَّ اِستَمَرّوا وَقالوا إِنَّ مَشرَبَكُم
ماءٌ بِشَرقِيِّ سَلمى فَيدُ أَو رَكَكُ
يَغشى الحُداةُ بِهِم وَعثَ الكَثيبِ كَما
يُغشي السَفائِنَ مَوجَ اللُجَّةِ العَرَكُ
هَل تُبلِغَنِّيَ أَدنى دارِهِم قُلُصٌ
يُزجي أَوائِلَها التَبغيلُ وَالرَتَكُ
مُقوَرَّةٌ تَتَبارى لا شَوارَ لَها
إِلّا القُطوعُ عَلى الأَنساعِ وَالوُرُكُ
مِثلُ النَعامِ إِذا هَيَّجتَها اِرتَفَعَت
عَلى لَواحِبَ بيضٍ بَينَها الشَرَكُ
وَقَد أَروحُ أَمامَ الحَيِّ مُقتَنِصاً
قُمراً مَراتِعُها القيعانُ وَالنَبَكُ
وبعث الكتاب مع رسول من عنده، وعندما وصل الرسول إلى الحارث بن ورقاء، وأعطاه الكتاب، وقرأه، قال للرسول بأن يخبر زهير بأنه يرفض أن يعيد له إبله، وعندما وصل الخبر إلى زهير هجاه في العديد من القصائد، وكان مما قال فيه:
هَلّا سَأَلتَ بَني الصَيداءِ كُلَّهُمُ
بِأَيِّ حَبلِ جِوارٍ كُنتُ أَمتَسِكُ
فَلَن يَقولوا بِحَبلٍ واهِنٍ خَلَقٍ
لَو كانَ قَومُكَ في أَسبابِهِ هَلَكوا
يا حارِ لا أُرمَيَن مِنكُم بِداهِيَةٍ
لَم يَلقَها سوقَةٌ قَبلي وَلا مَلِكُ
اِردُد يَساراً وَلا تَعنُف عَلَيهِ وَلا
تَمعَك بِعِرضِكَ إِنَّ الغادِرَ المَعِكُ
وَلا تَكونَن كَأَقوامٍ عَلِمتُهُمُ
يَلوُونَ ما عِندَهُم حَتّى إِذا نُهِكوا
طابَت نُفوسُهُمُ عَن حَقِّ خَصمِهِمُ
مَخافَةَ الشَرِّ فَاِرتَدّوا لِما تَرَكوا
تَعَلَّمَن ها لَعَمرُ اللَهِ ذا قَسَماً
فَاِقدِر بِذَرعِكَ وَاِنظُر أَينَ تَنسَلِكُ
وأكثر من هجائه حتى قال له ابنه: يا أبي والله إنك قد أوسعته سبًا.
نبذة عن زهير بن أبي سلمى
هو زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من قبيلة مضر، واحد من أشهر الشعراء العرب، ومن المقدمين في الشعر، ومن حكماء الشعراء في العصر الجاهلي.
توفي زهير بن أبي سلمى قبل بعثة النبي صل الله عليه وسلم بعام واحد.