قصة قصيدة ترفق أيها المولى عليهم

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ترفق أيها المولى عليهم

أمّا عن مناسبة قصيدة “ترفق أيها المولى عليهم” فيروى بأنه بعد أن صدر من بني كلاب ما يسيء لسيف الدولة الحمداني، وخوفهم من أن يعاقبهم على ما فعلوا، لم يكن منهم إلا ان يبعثوا بجماعة منهم إلى أبي الطيب المتنبي، لكي يقوم بإيصال طاعتهم وولائهم، للأمير سيف الدولة، وعندما وصل الجمع إلى أبي الطيب، وطلبوا منه أن يعتذر لهم عند سيف الدولة، قام أبو الطيب بكتابة قصيدة، يعتذر فيها عنهم، ويستميل عاطفته، ويقول له فيها بأنه هو الأجدر بأن يعفو عمن أساء إليه، وندم على ما فعل، ووقف بين يديه معتذرًا، وقال فيها، ومن ثم بعث بها إلى الأمير سيف الدولة:

تَرَفَّق أَيُّها المَولى عَلَيهِم
فَإِنَّ الرِفقَ بِالجاني عِتابُ

وَإِنَّهُمُ عَبيدُكَ حَيثُ كانوا
إِذا تَدعو لِحادِثَةٍ أَجابوا

وَعَينُ المُخطِئينَ هُمُ وَلَيسوا
بِأَوَّلِ مَعشَرٍ خَطِئُوا فَتابوا

وَأَنتَ حَياتُهُم غَضِبَت عَلَيهِم
وَهَجرُ حَياتِهِم لَهُمُ عِقابُ

وَما جَهِلَت أَيادِيَكَ البَوادي
وَلَكِن رُبَّما خَفِيَ الصَوابُ

وَكَم ذَنبٍ مُوَلِّدُهُ دَلالٌ
وَكَم بُعدٍ مُوَلِّدُهُ اِقتِرابُ

وَجُرمٍ جَرَّهُ سُفَهاءُ قَومٍ
وَحَلَّ بِغَيرِ جارِمِهِ العَذابُ

فَإِن هابوا بِجُرمِهِمِ عَلِيّاً
فَقَد يَرجو عَلِيّاً مَن يَهابُ

وَإِن يَكُ سَيفَ دَولَةِ غَيرِ قَيسٍ
فَمِنهُ جُلودُ قَيسٍ وَالثِيابُ

وَتَحتَ رَبابِهِ نَبَتوا وَأَثّوا
وَفي أَيّامِهِ كَثُروا وَطابوا

وقال له أيضًا:

رَمَيتَهُمُ بِبَحرٍ مِن حَديدٍ
لَهُ في البَرِّ خَلفَهُمُ عُبابُ

فَمَسّاهُم وَبُسطُهُمُ حَريرٌ
وَصَبَّحَهُم وَبُسطُهُمُ تُرابُ

وَمَن في كَفِّهِ مِنهُم قَناةٌ
كَمَن في كَفِّهِ مِنهُم خِضابُ

بَنو قَتلى أَبيكَ بِأَرضِ نَجدٍ
وَمَن أَبقى وَأَبقَتهُ الحِرابُ

عَفا عَنهُم وَأَعتَقَهُم صِغارا
وَفي أَعناقِ أَكثَرِهِم سِخابُ

وَكُلُّكُمُ أَتى مَأتى أَبيهِ
فَكُلُّ فَعالِ كُلِّكُمُ عُجابُ

كَذا فَليَسرِ مَن طَلَبَ الأَعادي
وَمِثلَ سُراكَ فَليَكُنِ الطِلابُ

نبذة عن أبي الطيب المتنبي

هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، واحد من أعظم شعراء العرب على مر العصور، ولد في مدينة الكوفة في العراق في عام ثلاثمائة وثلاثة للهجرة، ونشأ فيها، اتصل بسيف الدولة الحمداني.

توفي أبي الطيب المتنبي في مدينة بغداد في عام ثلاثمائة وأربعة وخمسون للهجرة.


شارك المقالة: