قصة قصيدة تعللنا أمامة بالعدات
أمّا عن مناسبة قصيدة “تعللنا أمامة بالعدات” فيروى بأنه بعد أن خرج جرير من عند قومه، وعندما وصل إلى الجامعة، جالس أصنافًا كثيرة من العرب، فأعجب ببعض الذين قابلهم، وعندما جالسهم ازداد حبه لهم، وكان ذلك بسبب الأخلاق العربية الأصيلة التي وجدها عندهم، والتي كان قد نشأ عليها وهو في قومه.
وفي يومه الأول ذهب مع أحد الكرماء الذين قابلهم في يومه الأول، وكان هذا اليوم مخصص لأهل الحجاز واليمن والبصرة والكوفة والمدينة المنورة، لكي يأخذ مسكنه، وكانت الجامعة قد أعطت كل واحد من الوافدين الجدد مسكنًا يعيش به، ولكن جرير لم يكن قد رأى مثل هذه المساكن من قبل، فقد كان يعيش في بيت عز وكرامة، فقد كان من أشراف قومه في الحجاز، فكان ذلك سببًا في غضبه الشديد مما رآه من سوء معاملة منهم، فأنشد قائلًا:
تُعَلِّلُنا أَمامَةُ بِالعِداتِ
وَما تَشفي القُلوبَ الصادِياتِ
فَلَولا حُبُّها وَإِلَهِ مَوسى
لَوَدَّعتُ الصِبا وَالغانِياتِ
وَما صَبري عَنِ الذَلفاءِ إِلّا
كَصَبرِ الحوتِ عَن ماءِ الفُراتِ
إِذا رَضِيَت رَضيتُ وَتَعتَريني
إِذا غَضِبَت كَهَيضاتِ السُباتِ
أَنا البازي المُطِلُّ عَلى نُمَيرٍ
عَلى رَغمِ الأُنوفِ الراغِماتِ
إِذا سَمِعَت نُمَيرٌ مَدَّ صَوتي
حَسِبتَهُمُ نِساءً مُنصِتاتِ
رَجَوتُم يا بَني وَقبانَ مَوتي
وَأَرجو أَن تَطولَ لَكُم حَياتي
إِذا اِجتَمَعوا عَلَيَّ فَخَلِّ عَنهُم
وَعَن بازٍ يَصُكُّ حُبارَياتِ
إِذا طَرِبَ الحَمامُ حَمامُ نَجدٍ
نَعى جارَ الأَقارِعِ وَالحُتاتِ
إِذا ما اللَيلُ هاجَ صَدىً حَزيناً
بَكى جَزَعاً عَلَيهِ إِلى المَماتِ
وقال أيضًا:
هُمُ حَبَسوا بِذي نَجَبٍ حِفاظاً
وَهُم ذادوا الخَميسَ بِوارِداتِ
وَتَرفَعُنا عَلَيكَ إِذا اِفتَخَرنا
لِيَربوعٍ بَواذِخُ شامِخاتِ
هُمُ سَلَبوا الجَبابِرَ تاجَ مُلكٍ
بِطِخفَةَ عِندَ مُعتَرَكِ الكُماةِ
فَقَد غَرِقَ الفَرَزدَقُ إِذ عَلَتهُ
غَوارِبُ يَلتَطِمنَ مِنَ الفُراتِ
رَأَيتُكَ يا فَرَزدَقُ وَسطَ سَعدٍ
إِذا بُيِّتَ بِئسَ أَخو البَياتِ
نبذة عن جرير بن عطية
هو أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، شاعر من شعراء العصر الأموي، اشتهر بشعر الهجاء، ولد في نجد، وتوفي فيها.