نبذة عن عمر بن عبد العزيز:
هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، وهو ثامن الخلفاء الأمويين، ولد في عام واحد وستون للهجرة، وتوفي في عام مائة وواحد للهجرة.
قصة قصيدة تعلم فليس المرء يولد عالما:
أما عن مناسبة قصيدة “تعلم فليس المرء يولد عالما” فيروى بأنه عندما تولى الخليفة عمر بن عبد العزيز الخلافة، قدم إليه العديد من الوفود، وكان من بين هذه الوفود وفد الحجاز، وبينما هم أمامه وهو ينظر إليهم، لمح غلامًا صغيرًا في السن، وكان هذا الغلام على وشك أن يتكلم، فلاحظ عمر بن عبد العزيز ذلك، فقال له قبل أن يتكلم: فليتكلم من هو أكبر منك، فهو ولا بُدّ أحق منك بالكلام، فقال له الغلام: يا أمير المؤمنين لو كان كلامك صحيح لكان يوجد في هذا المجلس من هو أحق منك بالخلافة، فقال له الخليفة: والله إنك قد صدقت، تكلم.
فقال الغلام لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، لقد أتينا إليك من بلد ونحن نحمد ربنا الذي من علينا بك، والله إننا لم نأتك طمعًا ورغبة منا، أو خوف ورهبة منك، أما الرغبة فقد امنا بك ونحن ما زلنا في بيوتنا، وأما الرهبة فقد وصلنا خبر عدلك، وبذلك أمنا جوارك، فوالله يا أمير المؤمنين إلا شكرًا وسلامًا، وعندما سمع الخليفة ما قال له، واتضح له حكمة هذا الغلام الصغير قال له: عظني أيها الفتى، فقال له الغلام: يا أمير المؤمنين، لقد كان من قبلك من غره رضا الناس وثنائهم عليهم، وحلم الله وصبره عليهم، فلا تكن من هؤلاء، ولا يغرنك حلم الله وثناء الناس عليك، فتكون ممن قال الله تعالى فيهم: (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون)، فنظر الخليفة في هذا الفتى الذي يبلغ من العمر اثنا عشر عامًا، فالتفت إلى الحاضرين، وأنشدهم قائلًا:
تعلم فليسَ المرءُ يولدُ عالماً
وَلَيْسَ أخو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وإنَّ كَبِير الْقَوْمِ لاَ علْمَ عِنْدَهُ
صَغيرٌ إذا الْتَفَّتْ عَلَيهِ الْجَحَافِلُ
وإنَّ صَغيرَ القَومِ إنْ كانَ عَالِماً
كَبيرٌ إذَا رُدَّتْ إليهِ المحَافِلُ
اصبر على مرِّ الجفا من معلمٍ
فإنَّ رسوبَ العلمِ في نفراتهِ
ومنْ لم يذق مرَّ التعلمِ ساعة ً
تجرَّعَ ذلَّ الجهل طولَ حياته
ومن فاتهُ التَّعليمُ وقتَ شبابهِ
فكبِّر عليه أربعاً لوفاته
وَذَاتُ الْفَتَى ـ واللَّهِ ـ بالْعِلْمِ وَالتُّقَى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاتهِ