قصة قصيدة تفاحة جرحت بالثغر من فمها
أمّا عن مناسبة قصيدة “تفاحة جرحت بالثغر من فمها” فيروى بأنه في يوم من الأيام بعث الخليفة العباسي المتوكل في طلب الشاعر علي بن الجهم، فذهب رجل من رجاله إلى بيت علي بن الجهم، وطرق عليه باب بيته، وعندما خرج له، أخبره بأنّ المتوكل طلبه في مجلسه مستعجلًا، فدخل علي بن الجهم إلى بيته، وارتدى أفضل ما عنده من ملابس، وتطيب بأجمل الروائح، وخرج إلى مجلس الخليفة، ووقف على بابه، واستأذن للدخول، فأذن له الخليفة، فدخل إلى مجلسه.
وعندما دخل علي بن الجهم إلى مجلس الخليفة، وجد بين يديه تفاحة، وكانت على هذه التفاحة آثار عضة من إحدى جواري الخليفة، أهدتها له، فقال الخليفة لعلي: قل في هذه التفاحة شيئًا من الشعر قبل أن تجلس، ولك مقابل كل بيت ألف دينار، فأنشد علي بن الجهم قائلًا:
تفّاحة جرحت بالثغر من فمها
أشهى إليّ من الدنيا وما فيها
جاءت بها ظبية من عند غانية
نفسي من السوء والآفات تفديها
لو كنت ميتاً ونادتني بنغمتها
إذن لأسرعت من لحدي ألبّيها
بيضاء في حمرة علت بغالية
كأنّها قطعة من خدّ مهديها
وعندما انتهى من القاء شعره، أمر له المتوكل على الله بأربعة آلاف دينار كما وعده، كما زاد عليها أربعة خلع، فشكر علي بن الجهم الخليفة جزيل الشكر على عطاياه، واستأذن للخروج، فأذن له الخليفة بالخرج، فخرج فرحًا بما نال، وعاد متوجهًا إلى بيته.
نبذة عن علي بن الجهم
هو أبو الحسن علي بن الجهم بن بدر بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كرار بن كعب بن مالك بن عتبة بن جابر بن الحارث بن عبد البيت بن الحارث، شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في عام مائة وثمانية وثمانون للهجرة في مدينة بغداد في العراق.
أكسبته فصاحة لسانه بالإضافة إلى موهبته الشعرية بالرزانة والقوة، وحمته من تأثير سكان بغداد، التي كانت تعج في وقتها بالوافدين من أعاجم البلاد المحيطة بها.
توفي علي بن الجهم في عام مائتان وتسعة وأربعون للهجرة.