قصة قصيدة تقول ودقت صدرها بيمينها
أمّا عن مناسبة قصيدة “تقول ودقت صدرها بيمينها” فيروى بأنه في يوم من الأيام كان الهذلول بن كعب العنبري جالسًا في بيته، وإذ برجل يدق عليه باب بيته، فخرج لكي يرى من على الباب، فوجد بأنه صديق له، وهو من قبيلة أخرى، جاءه ضيفًا، فسلم عليه الرجل، ورد عليه الهذلول سلامه، وأدخله إلى المنزل، فجلس الاثنان سوية يتبادلون أطراف الحديث، وبينما هما جالسان أراد الهذلول أن يحضر الغداء لضيفه، فاستأذن منه، ومن ثم خرج من المجلس، وتوجه إلى الرحا، وبدأ يطحن القمح عليه، وكان الرحا مشتركًا لكل القبيلة، فقد كان في أحد الساحات في وسط القبيلة، ولم يكن في بيته.
وبينما هو يطحن القمح على الرحا ذلك مرت زوجته من عنده وكان معها عددًا من نساء الحي، فاستعظمت منه أن يفعل ذلك، وقالت لمن كان معها من النساء، هل هذ زوجي الذي يطحن على الرحا؟، فأجابتها النسوة قائلات: نعم، إنه هو، فتركت النساء وتوجهت إليه وقالت له: ما الذي تفعله؟، لو أنك قلت لي لقمت أنا بطحن القمح، فقال لها: أنا خادم لضيفي، ومن ثم أكمل طحن القمح، وقام وصنع منه خبزًا، وصنع الغداء لضيفه، وأكرمه خير إكرام، وأكمل الاثنان مسامرتهما، وعندما غادر الضيف أنشد قصيدة في خبر ما حصل معه، قال فيها:
تقول ودقت صدرها بيمينها
أبعلي هذا بالرحى المتقاعس
فقلت لها لا تعجبي وتبيني
فعالي إذا التفت علي الفوارس
ألست أرد القرن يركب ردعه
وفيه سنان ذو غرارين يابس
وأحتمل الأوق الثقيل وأمتري
خلوف المنايا حين فر المغامس
وأقري الهموم الطارقات حزامة
إذا كثرت للطارقات الوساوس
إذا خام أقوام تقحمت غمرة
يهاب حمياها الألد المداعس
لعمر أبيك الخير إني لخادم
لضيفي وإني إن ركبت لفارس
وإني لأشري الحمد أبغي رباحه
وأترك قرني وهو خزيان تاعس
نبذة عن الشاعر الهذلول بن كعب العنبري
الهذلول بن كعب العنبري، وهو شاعر وفارس، من أعيان الأعراب. وأغلب الظن بأنه شاعر من العصر الجاهلي، وهو من قبيلة بني سعد بن زيد مناة بن تميم.