قصة قصيدة تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي

أمّا عن مناسبة قصيدة “تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي” فيروى بأن خالد بن يزيد الملقب بخالد الكاتب سافر في يوم من الأيام إلى أذربيجان، وكان سبب ذلك أنه يريد أن يقضي بعض الأعمال له هنالك، وبينما هو هنالك حضر مجلسًا، وكان في هذا المجلس فتاة شديدة الجمال، فأعجب بهذه الفتاة، وتوجه إليها، وطلب منها أن تعود معه إلى بلاده، ولكن الفتاة رفضت طلبه، لأنها تريد السفر إلى الشام، وبقي خالد بن يزيد متعلقًا بهذه الفتاة، وقد خامر حبها قلبه وعقله، فكان إذا نسيها للحظة، عاد وتذكرها في نفس اللحظة، وذهب عقله.

وفي يوم من الأيام قام رجل يدعى محمد بن عبد الملك بالاستعانة به لكي يكتب له بعض الأعمال، وبينما كان يقضيها له، مر من عند فتاة وهي تغني، قائلة:

من كان ذا شجن بالشام يطلبه
ففي سوى الشام أمسى الأهل والشجن

فسقط على الأرض مغميًا عليه عندما سمع ما غنت الفتاة، وتذكر الشام، وحال الفتاة التي رفضت العودة معه إلى ديارها، لأنها تريد أن تذهب إلى الشام، وعندما أفاق ترك العمل عند محمد بن عبد الملك، وأصبح يركب في مركب ويطوف ببغداد، وكان كلما مر من عند أحد يعرفه، يطلبه الرجل لكي يسمع شيئًا من شعره، حتى أنه في يوم قابل ابن الجهم، فطلب منه أن ينشده قوله: ليت ما أصبح من رقة حديك بقلبك، ولكنه قال له: من الذي يعطي ولده، وفي يوم رآه ابن الجهم، وهو في الطريق، والغلمان من وراءه، يضربون عليه الحجارة، فصاح على الغلمان حتى هربوا، وأمسك به، وأدخله إلى البيت، وأبقاه حتى يرتاح عنده، وسأله عما يريد، فقال له: هريسة ورطبًا، فأحضرها، وأكل منها، فقال له ابن الجهم: أنشدني شيئًا من شعرك، فأنشده قائلًا:

تناسيتَ ما أوعيتَ سمعَكَ يا سمعي
كأنكَ بعد الضرِّ خالٍ من النفعِ

أما عندَ عينيكَ اللتينِ هما هما
لمكتئبٍ يرجوكَ شيئاً سِوَى المنعِ

لئن كنتَ مطبوعاً على الهجر عارفاً
فما الصبرُ في تركيبِ قلبي ولا طبعي

وإن تكُ أضحكت فوقَ خدِّكَ روضةٌ
فإنَّ على خدّي نوءاً من الدمعِ

سلِ المطرَ العامَ الذي عمَّ أرضكُم
أجاء بِمقدارِ الذي فاضَ من دمعي

فقال له ابن الجهم: والله إنك قد أحسنت، ومن ثم قال له: أسمعني غير هذا، فقال له: كفى فما تنال بهريستك ورطبك سوى هذا.

نبذة عن خالد بن يزيد

هو خالد بن يزيد البغدادي أبو الهيثم، شاعر غزل من شعراء العصر العباسي، ولد في خراسان، انتقل إلى بغداد، وعاش هنالك.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: