قصة قصيدة جارية لم تدر ما سوق الإبل

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة جارية لم تدر ما سوق الإبل

أمّا عن مناسبة قصيدة “جارية لم تدر ما سوق الإبل” فيروى بأن سعيد بن جبير كان عبدًا، وفي يوم من الأيام اشتراه سعيد بن العاصي من مولاه، وقام بعتقه هو وبقية العبيد الذين اشتراهم، ومن بعد أن أصبح حرًا، خرج مع ابن الأشعث ضد الحكم الأموي، فأراد الحجاج أن يستدرجه، وقال له في يوم أنه إن أتى إلى الكوفة، فسوف يجعله إمامًا فيها، ولم يكن ذلك ممكنًا لغير العربي، فقال له: نعم، وأتى إلى الكوفة، وعندها أراد الحجاج أن يوليه القضاء، ولكن أهل الكوفة رفضوا، لأنه ليس بعربي، فجعل عليها الحجاج أبا بردة بن أبي موسى الأشعري، ولكنه أمره أن لا يقطع أمر من دون أن يعود إلى سعيد بن جبير.

وبعد ذلك أراد الحجاج أن يوليه على سمارى، وكان أهلها كلهم من رؤوس العرب، فوافق، ومن ثم أمر أمر له بمائة ألف درهم، لكي يقوم بتوزيعها على أهل الحاجة، على أن لا يسأله عنها شيئًا، ثم سأله عن الذي جعله يخرج عليه، فقال له بأنه خرج بسبب البيعة التي بايعها لابن الأشعث، فغضب منه غضبًا شديدًا، وقال له: ألم تكن قد بايعت أمير المؤمنين قبل أن تبايعه؟، ومن ثم أقسم له بأنه سوف يقتله، وأمر الحراس أن يضربوا له عنقه.

وقبل أن يضرب له عنقه، نظر إلى الرجال الذين كانوا مع سعيد، فوجد أن معظمهم كانوا من الفقهاء، فأراد أن يبعدهم عن موضع الفصاحة، ويجعل رأيهم كأنه رأي أهل القرى والأنباط، فقال: إنما الموالي علوج، وقد أتوا من القرى، فإن القرى التي خرجوا منها هي أولى بهم، فأمر بإخراجهم من الكوفة، وإرسالهم إلى قراهم، وأمر بأن يختم على يد كل واحد منهم اسم قريته، وكان قد سجن عددًا كبيرًا منهم ومن غيرهم، وعندما أصبح سليمان بن عبد الملك الخليفة، أخرج من السجون ما يزيد عن الثمانين ألفًا، وأعاد الموالي الذين أخرجوا من الكوفة، وفي خبر ذلك أنشد أحد الشعراء قائلًا:

جاريةٌ لم تدر ما سوق الإبل
أخرجها الحجّاج من كنّ وظل

لو كان بدرٌ حاضراً وابن حمل
ما نقشت كفّاك في جلد جلل

وقال شاعر من أهل الكوفة عندما أصبح نوح بن دراج قائمًا على الكوفة:

يا أيّها الناس قد قامت قيامتكم
إذ صار قاضيكم نوح بن درّاج

لو كان حيّا له الحجّاج ما سلمت
كفّاه ناجيةً من نقش حجّاج

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الحزن على حال من أخرجهم الحجاج من الكوفة.


شارك المقالة: