قصة قصيدة حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت
أمّا عن مناسبة قصيدة “حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت” فيروى بأنّه في يوم من الأيام خرج كثير عزة هو وصديق له يقال له سائب من دياره، وتوجه إلى ديار عبد العزيز بن مروان، يريد أن يلاقيه، وبينما هو في طريقه إليه، مر بماء، وكانت على هذا الماء عزة محبوبته، فوقف عندها ورد السلام على كل من كان حاضرًا هنالك، ومن ثم أنشد قائلًا:
حَيَّتكَ عَزَّةُ بَعدَ الهَجرِ وَاِنصَرَفَت
فَحَيِّ وَيَحَكَ مَن حَيّاكَ يا جَمَلُ
لَو كُنتَ حَيَّيتَها ما زِلتَ ذا مِقَةٍ
عِندي وَلا مَسَّكَ الإِدلاجُ وَالعَمَلُ
فَحَنَّ مِن وَلَهٍ إِذ قُلتُ ذاكَ لَهُ
وَظَلَّ مُعتَذِراً قَد شَفَّهُ الخَجَلُ
وَرَدَّ مِن جَزَعٍ ما كُنتُ أَعرِفُها
وَرامَ تَكليمَها لَو تَنطِق الإِبِلُ
لَيتَ التَحِيَّةَ كانَت لي فَأَشكُرَها
مَكانَ يا جَمَلٌ حُيّيتَ يا رَجُلُ
فردت عزة السلام على صديقه، ولم تقل له شيئًا، وبعد حين قالت لكثير: ألا تتقي الله، فقال لها كثير: ولم تقولين هذا؟، فقالت له: هل رأيت قولك حينما قلت:
بآيَةِ ما أَتَيْتُك أُمَّ عَمْروٍ
فقُمْت بحاجتي والبيتُ خالِي
ثم أكملت قائلة: ويحك، وهل خلوت معك في يوم لوحدي في بيت؟، فقال لها: والله غني لم أقل ذلك، ولكني أنا من قلت:
أَقولُ لَها عُزَيزَ مَطَلَت دَيني
وَشَرُّ الغانِياتِ ذَوو المِطالِ
قَقالَت وَيبَ غَيرِكَ كَيفَ أَقضي
غَريماً ما ذَهَبتُ لَهُ بِمالِ
فَأُقسِمُ لَو أَتَيتُ البَحرَ يَوماً
لأَشرَبَ ما سَقَتني مِن بُلالِ
وَأُقسِمُ أَنَّ حُبَّكِ أُمَّ عَمرٍو
لَدى جَنبي وَمُنقَطَعِ السِعالِ
فقالت له عزة: أما هذا فممكن، ثم انصرفت، وانصرف هو، وأكمل مسيره صوب ديار عبد العزيز بن مروان.
نبذة عن كثير عزة
هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعي، وهو أحد شعراء العصر الأموي، ولد في المدينة المنورة في عام في عام ستمائة وستون ميلادي، وهو من الشعراء المتيمين، كان يحب فتاة يقال لها عزة، وبسببها سمي كثير عزة.
ولد في آخر خلافة الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، واتصل بالعديد من الخلفاء الأمويين.