قصة قصيدة خليلي عوجا بالمحلة من جمل:
أمّا عن مناسبة قصيدة “خليلي عوجا بالمحلة من جمل” فيروى بأنه عندما عزم مصعب بن الزبير على زواج عائشة بنت طلحة، توجه ومعه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وسعيد بن العاص إلى بيت امرأة يقال لها عزة الميلاء، وقد كان الكثير من أشراف المدينة وغيرهم يزورونها كونها كانت من أظرف الناس وأكثرهم علمًا بأمور النساء، فدخلوا إلى مجلسها، وجلسوا، وقالوا لها: يا عزة إننا قد خطبنا فانظري إلينا، فقالت لمصعب: يا ابن عبد الله، من خطبت؟، فقال لها: لقد خطبت عائشة بنت طلحة، ثم قالت لسعيد: وأنت يا ابن العاص، ممن خطبت؟، فقال لها: لقد خطبت عائشة بنت عثمان بن عفان، ثم قالت لعبد الله: وأنت يا ابن الصديق من خطبت؟، فقال لها: ابنة الزكريا بن طلحة.
فأمرت جاريتها بأن تحظر لها خفيها، وعدما أحظرتهما لبستهما، وخرجت إليهم هي وخادم لها، وقالت لهم: أمّا عن عائشة ابنة طلحة، فإنّنا في يوم كنا في مأدبة طعام لقريش، فأتتني، ووقفت معي، فقلت لها بأنّ نساء قريش سألنني عن وجهها، فلم أدري كيف أصفها لهنّ، ثم طلبت منها أن تخلع خمارها عن وجهها لكي أستطيع رؤية وجهها، وأكون قادرة على وصفها، ففعلت، ثم قالت لي: أما أنت فقد قضيتي حاجتك مني، وأنا لي حاجة عندك، فقلت لها: وما هي؟، فقالت لي: أريد أن أسمع صوتك، فأخذت أنشد شعرًا لجميل بن معمر قائلة:
خَليلَيَّ عوجا بِالمَحَلَّةِ مِن جُملِ
وَأَترابِها بَينَ الأُجَيفَرِ فَالحَبلِ
نَقِف بِمَغانٍ قَد مَحا رَسمَها البِلى
تُعاقِبُها الأَيّامُ بِالريحِ وَالوَبلِ
فَلَو دَرَجَ النَملُ الصِغارُ بِجِلدِها
لَأَندَبَ أَعلى جِلدِها مَدرَجُ النَملِ
أَفي أُمُّ عَمروٍ تَعذُلاني هُديتُما
وَقَد تَيَّمَت قَلبي وَهامَ بِها عَقلي
وَأَحسَنُ خَلقِ اللَهِ جيداً وَمُقلَةً
تُشَبَّهُ في النِسوانِ بِالشادِنِ الطِفلِ
وَأَنتِ لِعَيني قُرَّةٌ حينَ نَلتَقي
وَذِكرُكِ يَشفيني إِذا خَدِرَت رِجلي
أَفِق أَيُّها القَلبُ اللَجوجُ عَنِ الجَهلِ
وَدَع عَنكَ جُملاً لا سَبيلَ إِلى جُملِ
وَلَو أَنَّ أَلفاً دونَ بَثنَةَ كُلُّهُم
غَيارى وَكُلٌّ مُزمِعونَ عَلى قَتلي
لَحاوَلتُها إِمّا نَهاراً مُجاهِراً
وَإِمّا سُرى لَيلٍ وَلَو قَطَعوا رِجلي
فقبلت عائشة ما بين عيني وأمرت لي بعشرة أثواب وأساور من أنواع الفضة، ثم قالت :يا أبن أبي عبد الله، أمّا هي فلا والله ما رأيت فتاة مثلها، ثم وصفتها له، وكانت بالفعل كما وصفتها، ثم قالت: أما أنت يا ابن العاص، فإن عائشة بنت عثمان بن عفان فإنني لم أر مثل أخلاقها من قبل قط، ولكنها ليست جميلة، ثم أشارت عليه بأن لا يتزوج منها، ثم قالت لعبد الله: أما أنت فإنّي لم أر والله مثل أم الهيثم، فهي جميلة جدًا.
نبذة عن جميل بن معمر:
جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي يلقب جميل بثينة، توفي في عام اثنان وثمانون للهجرة في مصر.