قصة قصيدة رأيت ابنة الضمري عزة أصبحت
أمّا عن مناسبة قصيدة “رأيت ابنة الضمري عزة أصبحت” فيروى بأن جميل وكثير في يوم من الأيام التقيا، وأخذ كل واحد منهما يشكو للآخر بعده عن محبوبته، واشتياقه لها، وبأنه لا يستطيع أن يزورها، فقال جميل لكثير: سوف أذهب إلى عزة كرسول لك، فأخبرني بأي مكان رأيتها آخر مرة، فقال له كثير: قبل مدة مررت بها وهي في وادي الدوم، ومعها جواريها، وهنّ يغسلن ثيابًا، ثم قال: فاهب إلى هنالك، فإن كان هنالك جوار، فأنشد عليهن ثلاث ذود سود، ثم انظر ماذا يقلن لك، فتوجه جميل بن معمر إلى المكان، ولقي هنالك جواري يغسلن الثياب، فاقترب منهن، ووقف معهن، وأنشد عليهنّ، فقالت له جارية من الجواري: لقد رأيت ثلاثًا سودًا مررن من خلفنا، وكانت واحدة منهن تحتك برجل يقال له الطلحة، فعاد جميل إلى كثير، وأخبره بالخبر.
فتوجها إلى مجلس طلحة، وكان ذلك في وقت متأخر من الليل، وبينما هما جالسين عنده، أتت عزة ومعها صديقة لها، فجلسن، وأخذوا يتحدثون طويلًا، وبينما هم جالسون لاحظ كثير بأن عزة تطيل النظر في وجه جميل، حيث كان جميل شديد الجمال، على عكس كثير الذي كان دميمًا، وعندها غضب وغار عليها، فقال لجميل: هيا بنا نخرج، قبل أن تشرق الشمس، فخرجا، وأنشد كثير عزة قائلًا:
رَأَيتُ اِبنَةَ الضَمريِّ عَزّةَ أَصبَحَت
كَمُحتَطبٍ ما يَلقَ بِالَيلِ يَحطِبِ
وَكانَت تُمَنّينا وَتزعُمُ أَنّها
كَبَيضِ الأَنوقِ في الصَفا المُتَنَصِّبِ
رَجَعتُ بِها عَني عَشِيّةَ بِرمَةٍ
شَمَاتَةَ أَعداءٍ ضُهُودٍ وَغُيَّب
نبذة عن كثير عزة
هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعي، ولد في المدينة المنورة في عام ستمائة وستون ميلادي، وعاش فيها، وهو من أشهر شعراء العصر الأموي، وقد اشتهر بحبه لعزة بنت جميل بن حفص بن إياس الغفارية الكنانية.
ولد في آخر فترة خلافة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وتوفي والده بينما كان ما يزال صغيرًا في السن، فكفله عمه، ووضعه راعيًا على قطيع من الإبل حتى يحميه من سلاطة لسانه وطيشه.