قصة قصيدة رأيت عرابة الأوسي يسمو:
أمّا عن مناسبة قصيدة “رأيت عرابة الأوسي يسمو” فيروى بأن عرابة الذياني خرج في يوم من الأيام إلى المدينة المنورة، وعندما وصلها، لقيه رجل يقال له عرابة بن أوس، الذي كان يعد سيدًا من سادات قومه، وكان من المشهورين بالكرم والجود، فوقف معه وسأله عما أحضره إلى المدينة المنورة، فقال له الشماخ بأنّه يريد أن يزور أهله، وكان يومها مع عرابة بن أوس ناقتان، فذبحهما له، وأقام وليمة كبيرة له، ووضعها له، وبعد أن أكمل طعامه، كساه وأكرمه، وغادر من بيته، وأكمل حوائجه في المدينة، وعندما خرج الشماخ من المدينة المنورة مدح عرابة بقصيدة تعد من أفضل القصائد في المدح، وقد قال فيها:
رأيت عرابةَ الأوسي يسمو
إلى الخيرات منقطعَ القرينِ
إذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ
تلقَّاها عرابةُ باليمين
إذا بلغتني وحملتِ رحلي
عرابةَ فاشرقي بدمِ الوتينِ
وعندما سمع ابن دأب شعر الشماخ الذبياني الذي أنشده يمدح عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والذي قال فيه:
إِنَّكَ يا اِبنَ جَعفَرٍ نِعمَ الفَتى
وَنِعمَ مَأوى طارِقٍ إِذا أَتى
وَرُبَّ ضَيفٍ طَرَقَ الحَيَّ سُرى
صادَفَ زاداً وَحَديثاً ما اِشتَهى
إِنَّ الحَديثَ طَرَفٌ مِنَ القِرى
ثُمَّ اللَحافُ بَعدَ ذاكَ في الذَرا
قال: العجب له، قال هذا في ابن جعفر وقال في عرابة ما قال، وابن جعفر أحق من عرابة فيما قال.
نبذة عن الشاعر الشماخ الذبياني:
هو الشماخ بن ضرار بن حرملة بن سنان بن أمية، وهو شاعر من المخضرمين، وهو ممن أدرك الجاهلية والإسلام، وعندما أسلم أحسن إسلامه، والشماخ هو لقب له، و اسمه معقل و قيل الهيثم، و أم الشماخ من قبيلة أنمار، وهي قبيلة من قبائل بغيض، من بنات الخرشب، واسمها معاذة بنت بجير بن خالد بن اياس.
يعتبر الشماخ من طبقة لبيد بن ربيعة و النابغة الذبياني، اشتهر شعره بكونه شديد المتون، و كان من أسرع الناس بديهة في تأليف الأراجيز، جمع بعض شعره في ديوان، شهد القادسية، توفي سنة اثنان وعشرون للهجرة، الموافق لستمائة واثنان واربعون ميلادي.