قصة قصيدة رب دار بأسفل الجزع من دومة
أمّا عن مناسبة قصيدة “رب دار بأسفل الجزع من دومة” فيروى بأن والد عدي بن زيد قام بوضعه في الكتاب منذ كان صغيرًا، وعندما كبر قليلًا قام أحد أصدقاء والده وهو من الفرس بإرساله مع ابنه شاهان مرد إلى كتاب الفارسية، وأخذ يتعلم هنالك على يدهم، وتعلم القراءة والكتابة فيها، وعندما انتهى من تعلمها، أصبح من أعفهم الناس بها، بالإضافة إلى فصاحته باللغة العربية، وكان بالإضافة إلى ذلك من أفضل الرماة في قومه.
وفي يوم من الأيام خرج الفارسي مع ابنه إلى كسرى، ودخلا عليه، وبينما هما عنده نزل عصفوران على السور وأخذا يأكلان من فم بعضهما، فغضب كسرى من ذلك، وقال للفارسي وابنه: فليقم كل واحد منكما برمي واحد منهما، فإن قتلتماهما أعطيتكما كل ما تريدان، وإن لم تفعلا عاقبتكما، فأخذ ل منها سهمًا، ورماهما فقتلاهما، فأعطاهما ما يريدان من ذهب وجواهر، وأكرهما خير إكرام، وفي يوم قال الرجل الفارسي لكسرى بأن له غلامًا عربيًا، والده متوفي، وهو فصيح باللغة العربية وفي اللغة الفارسية، وأخبره بأنه يحتاج لشخص مثله، فأمره كسرى أن يبعث له ويحضره إليه.
وعندما حضر عدي إلى كسرى وكلمه وجده ظريف الكلام، حاضر الجواب، فجعله كاتبًا في ديوانه، وبقي في المدائن في ديوان كسرى، وأصبح ذو شأن عظيم، وفي يوم من الأيام بعث كسرى إلى ملك الروم هدية مع عدي، فلما أتاه عدي وجده ظريفًا، فأكرمه، وبعث معه عماله لكي يريه سعة أرضه وعظيم ملكه.
ومن بعد أن مات كسرى، نزل عدي إلى دمشق وأقام فيها، وفيها قال:
رُبَّ دارٍ بأَسفَلِ الجِزعِ مِن دَومَةَ
أَشهَى إليَّ مِن جَيرُونِ
ونَدامَى لا يَفرحُونَ بِمَا نَالُوا
ولا يَرهَبثونَ صَرفَ الَمنُونِ
قَد سُقيت الشَّمُول في دارِ بِشرٍ
قَهوَةً مُرَّةً بِمَاءٍ سَخينِ
نبذة عن عدي بن زياد
هو عدي بن زيد العبادي التميمي، وهو شاعر نصراني من أهل الحيرة في العراق، ولد في القرن السادس الميلادي، وكان داهية من دهاة العرب في زمانه، توفي في عام خمسة وثلاثون قبل الهجرة.