قصة قصيدة سكت فغر أعدائي السكوت
أمّا عن مناسبة قصيدة “سكت فغر أعدائي السكوت” فيروى بأن أبا عنترة بن شداد لم يعترف به، كونه عبدًا، وجعله كالعبد عنده، وكان إذا قصر في عمل من أعماله يعاقبه على ذلك بأشد أنواع العقاب، وفي يوم من الأيام قامت فبيلته بالإغارة على قبيلة طيء، وكان هو من الفرسان المشاركين في الغزوة، وكان من أفضل الفرسان في تلك الغزوة، ولكن وعندما انتهت الغزوة، وعاد القوم إلى ديارهم أبخسوه حقه، ولم يقدروا له ما فعل في تلك الغزوة، فخرج من القوم وهو غاضب على ما اقترفوه بحقه، وتوجه إلى قوم بني عامر وأقام عندهم.
وبينما هو عندهم أغارت قبيلة هوازن وجشم على قبيلته، وكان هو من أقوى فرسان قبيلته، وكونه لم يكن موجودًا في القبيلة، لم تستطع القبيلة المقاومة في وجه الغازين، فبعث ليه سيد القوم برسالة يطلب فيها منه أن يعود إلى القبيلة ويقاتل معهم، ولكنّه لم يعر الطلب أي اهتمام، ولم يرد عليه، بل بقي عند بني عامر، وعندما اشتد القتال على قومه، بعثوا له بجماعة من النساء يطلبن منه أن يقاتل معهم، وعندما دخلن عليه وطلبن منه أن يقاتل، تحمس ونهض وخرج إلى قومه، وقاتل معهم حتى انتصروا، وقال في خبر ذلك:
سكتُّ فَغَرَّ أعْدَائي السُّكوتُ
وَظنُّوني لأَهلي قَدْ نسِيـتُ
وكيفَ أنامُ عنْ سـاداتِ قومٍ
أنا في فَضْلِ نِعْمتِهمْ رَبيت
وإنْ دارَتْ بِهِمْ خَيْلُ الأَعادي
ونَادوني أجَبْتُ متى دُعِيتُ
بسيفٍ حدهُ يزجي المنايا
وَرُمحٍ صَدْرُهُ الحَتْفُ المُميتُ
خلقتُ من الحديدِ أشدَّ قلباً
وقد بليَ الحديدُ وما بليتُ
وفي الحَرْبِ العَوانِ وُلِدْتُ طِفْلا
ومِنْ لبَنِ المَعامِعِ قَدْ سُقِيتُ
وَإني قَدْ شَربْتُ دَمَ الأَعادي
بأقحافِ الرُّءوس وَما رُويتُ
فما للرمحِ في جسمي نصيبٌ
ولا للسيفِ في أعضاي َقوتُ
ولي بيتٌ علا فَلَكَ الثريَّا
تَخِرُّ لِعُظْمِ هَيْبَتِهِ البُيوتُ
نبذة عن عنترة بن شداد
هو عنترة بن شداد بن قراد العبسي، من قبيلة عبس، واحد من أشهر الشعراء في عصر الجاهلية، كان فارسًا مغوارًا، وشاعرًا عاشقًا، وهو أحد أصحاب المعلقات، ولد في نجد في الجزيرة العربية في عام خمسمائة وخمسة وعشرون. وتوفي مقتولًا في أحد المعارك في عام ستمائة وثمانية في حائل.