قصة قصيدة ظفرت فلا شلت يد برمكية:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ظفرت فلا شلت يد برمكية” فيروى بأنه حينما خرج خبر يحيى بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب، وظهوره في الديلم، واجتماع الناس عليه، وقوته التي صار عليها، واشتداد شوكته، وعندما وصل خبر كل ذلك إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد، اغتم وضاق صدره، فبعث بالفضل بن يحيى ومعه خمسون ألف رجل، وكان معه أفضل قواد الجيش في الدولة العباسية، وولاه العديد من المناطق لكي يوزع عليها الجيش وقادته، وكان من هذه المناطق، كور الجبل وجرجان وطبرستان وقومس وغيرها، وأعطاه الكثير من الأموال، لكي يوزعها على قادة الجيش، فوزعهم الفضل بن يحيى، وكان منهم قتيبة بن مسلم الذي تسلم طبرستان، وعلي بن الحجاج الخزاعي الذي تسلم منطقة النهرين وعسكر فيها.
وكان الشعراء في تلك المناطق يأتون قادة الجيش ويقومون بمدحهم، فينالون على ذلك العطايا، ونزل الفضل بن يحيى في منطقة يقال لها أشب، وكانت في ذلك الوقت شديدة البرودة، فقال أبان بن عبد الحميد اللاحقي في خبر ذلك:
لدور أمس بالدولاب
حيث السيب ينعرج
أحب الى من دور
أشب إذا هم ثلجوا
فأقام الفضل بن يحيى في هذا المكان، وكان يكتب إلى يحيى بن عبد الله يحذره، ويستميله، ويخوفه، وبعث إلى القائم على الديلم، وأعطاه ألف ألف درهم، على أن ينجح في استمالة يحيى بن عبد الله، حتى اقتنع يحيى في الصلح، ولكن كان له شرط، وهو أن يقوم الخليفة بإعطائه الأمان على أن يكتبها بخط يده، فبعث الفضل بن يحيى بخبر ذلك إلى الخليفة، فسرَّ بذلك، وكتب الأمان ليحيى، وأشهد فقهاء وقضاة وشيوخ بني هاشم عليه.
فأتى يحيى بن عبد الله إلى الرشيد، فأنزله عنده، وأكرمه خير إكرام، وكان كل ذلك سببًا في علو مقام الفضل بن يحيى ومنزلته عند هارون الرشيد، وفي خبر ذلك يقول مروان بن أبي حفصة:
ظفرت فلا شلت يد برمكية
رتقت بها الفتق الذي بين هاشم
على حين أعيا الراتقين التئامه
فكفوا وقالوا ليس بالمتلائم
فأصبحت قد فازت يداك بخطة
من المجد باق ذكرها في المواسم
وما زال قدح الملك يخرج فائزا
لكم كلما ضمت قداح المساهم
نبذة عن مروان بن أبي حفصة:
هو مروان بن أبي حفصة سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأموي، أحد شعراء صدر الإسلام، أدرك العصر الأموي، وكذلك العصر العباسي، واشتهر بقصائد المدح للخلفاء.