قصة قصيدة عساك حق عيساك

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة عساك حق عيساك

أمّا عن مناسبة قصيدة “عساك حق عيساك” فيروى بأنه في يوم من الأيام خرج ابن حداد الأندلسي مع صاحب له، وكانا يبغيان من خروجهما ما يبغيان في كل مرة يخرجان فيها، ألا وهو جلسة جميلة في البساتين وتحت ظلال الأشجار، وبينما هما يمشيان وجدا أرضًا خضراء، مليئة بالأشجار، وكانت هذه الأرض تابعة لدير نصراني، فأخذا يناديان على صاحب الأرض لكي يستأذنا منه للدخول، ولكنه لم يكن موجودًا، ولم يمنعهما ذلك من الدخول، وعند دخولهما وتجولهما في هذه الأرض، لمحا مجموعة من الفتيات الجميلات، وكنّ هؤلاء الفتيات يحتفلن ويتسامرن ويتكلمن، وبينما هما ينظران إليهنّ، وقفت فتاة منهنّ، وأخذت تنشد ابياتًا من شعر ابن حداد قائلة:

عَسَاكِ حَقَّ عِيْسَاكِ
مُرِيْحَةَ قَلْبيَ الشاكي

فإِنَّ الحُسْنَ قد وَلاَّكِ
إحيائِي وإِهلاكِي

وَأَوْلَعَنِي بِصُلْبَانٍ
وَرُهْبانٍ وَنُسَّاكِ

ولم آتِ الكنائِسَ عَنْ
هَوًَ فيهنَّ لولاكِ

وها أنا مِنْكِ في بَلْوَى
ولا فَرَجٌ لِبَلْوَاكِ

ولا أَسْطِيْعُ سُلْوَاناً
فقد أَوْثَقْتِ أَشْراكِي

فكم أَبْكِي عليك دَماً
ولا تَرْثِيْنَ للباكي

فهل تَدْرِيْنَ ما تَقْضِي
على عَيْنَيَّ عَيْنَاكِ

وما يُذْكِيْهِ من نارٍ
بقلبِي نُوْرُكِ الذَّاكِي

حَجَبْتِ سَنَاكِ عن بصرِي
وفوقَ الشَّمْسِ سِيْمَاكِ

فجلس ابن حداد هو وصديقه يستعمان إلى حديث هؤلاء الفتيات وإنشادهنّ الجميل، وتعلق قلب ابن حداد بالفتاة التي أنشدت الأبيات، وكان كل هذا من دون أن تشعر أي من الفتيات بهما، وبكونهما يراقبان بهنّ، ولكن وفي لحظة من اللحظات صدر من جهة ابن حداد وصديقه صوت، فانتبهت الفتيات إليهما، فأخذت الفتاة التي كانت تنشد الشعر تهدد بهما أن تخبر أصحاب الدير بأنهما قد دخلا إلى الأرض من دون إذن، فقال لها: هل تعرفين لمن هذه الأبيات التي كنت تنشدينها؟، فقالت له: إنها لابن حداد الأندلسي، فقال لها: وإن قلت لك بأنني أنا ابن حداد؟، فقالت له: وكيف أصدق بأنك هو؟، فقال لها: لا أعرف كيف أثبت لك، فقالت له: قم بارتجال أبياتًا من الشعر، فوافق وارتجل أبياتًا جميلة، فاقتنعت الفتاة، بل وأنها وقعت في غرامه.

نبذة عن ابن حداد الأندلسي

هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان القيسي، المعروف بابن الحداد الأندلسي، وهو شاعر من شعراء الأندلس.


شارك المقالة: