قصة قصيدة علقتها حرة حوراء ناعمة
أمّا عن مناسبة قصيدة “علقتها حرة حوراء ناعمة” فيروى بأن الملك النعمان بن المنذر خرج في يوم من الأيام من قصره، وكان خروجه للصيد، وبينما هو في طريقه إلى المكان الي يصيد به، مر من أمام كنيسة، وفي تلك اللحظة كانت فتاة تخرج من تلك الكنيسة، وعندما رأى النعمان تلك الفتاة، أعجب بجمالها وحسنها وهيئتها، فقال لمن كان معه: أحضروا إلي عدي بن زيد، وكان عدي بن زيد كاتب النعمان، وكان مقربًا منه، فهبوا إلى عدي، وأحضروه إلى الملك، وعندما أتاه، ووقف بين يديه، قال له النعمان، يا عدي، إني قد رأيت فتاة، وإن لم أضفر بها، فذلك يعني بأنه الموت بالنسبة لي، فلا بد لك من أن تجمع بيني وبينها، فقال له عدي بن زيد: ومن هي تلك الفتاة؟، فقال له النعمان: لقد سألت عنها فقالوا لي بأنها زوجة حكم بن عوف، وهو رجل من أشراف أهل الحيرة، فقال له عدي: وهل أخبرت أحدًا بخبر هذه الفتاة؟، فقال له النعمان: لا، لم أخبر أحدًا، فقال له عدي: حسنًا، فاكتمه، ولا تخبر أحدًا به، وفي صباح الغد ادعه إلى مجلسك، وأكرمه خير إكرام.
وفي اليوم التالي قام النعمان بن المنذر بدعوة حكم بن عوف إلى مجلسه، وعندما أتى، ودخل إلى مجلس النعمان، أجلسه بجانبه على سريره، وأكرمه خير إكرام، فتعجب الناس من حاله، وأخذوا يتحدثون عنه، وفي المساء دخل الناس إلى مجلس النعمان ومن بينهم حكم بن عوف، فقدمه عليهم، وأجلسه بجانبه، وكساه وجمله وأكرمه، وبقي على هذه الحال أيامًا عديدة، ومن ثم قال عدي له: يا مولاي، إن عندك عشر زوجات، فطلق واحدة منهن، على أن تكون الأقل منزلة عندك، ومن ثم قل له بأن يتزوج منها، وعندما دخل حكم بن عوف إلى مجلس النعمان، قال له: يا حكم، إني قد طلقت زوجتي، وأريد أن أزوجك منها، فوافق حكم، وشكره، ومن ثم جلس مع عدي بن زيد، وقال له: لا أعرف كيف أكافئ الملك على ما فعل لي، فإنه لم يصنع أحد مثل ما صنع معي، فقال له عدي: لقد طلق زوجته، وزوجك منها، فعليك أن تفعل كما فعل، ففعل، وطلق زوجته، فتوج منها النعمان، وكان له ما أراد، وفيها يقول أحد شعراء الحيرة:
علقتها حُرةً حوراءَ ناعمةً
كأنها البدرُ في داج من الظُلَمِ
ما في البرّيّة من أنثى تعادلها
إلاّ التي أخذ النّعمان من حكم
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الإعجاب بجمال زوجة النعمان بن المنذر.