التعريف بالشاعر أبو الطيب المتنبي:
أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو أحمد بن الحسين بن الحسن الجُعفيّ بن عبد الصّمد أبو الطّيب، الذي عُرِف بلقب المتنبيّ، وهو أفخر وأشهر شعراء العرب، وُلِد في منطقة كندة في الكوفة ونُسِب إليها حينَ ولادتهِ في تلكَ المنطقة، وُلِد عام 303هـ، ونشأ وترعّرعَ في الشّام ثمَّ انتقل إلى البادية لِطلب العلم من الأدب، وعلوم اللّغة العربيّة، وصُنّف أنهُ أمكن مَن تعلّم اللُّغة العربية وإلماماً لِقواعدها، ومن أعظم شعراء اللّغة العربيّة،عاش في كَنف سيف الدولة الحمداني في حلب.
شهد أبو الطيب المتنبي الفترة التي مرت فيها الدولة العباسية من تفككٍ واضطرابات سياسية، وكما عُرف عنه أنّه شاعر يصف الشيء كما هو وأنّ شعره جميل الوصف وبديع المعاني وعذب الألفاظ.
كتب أبو الطيب المتنبي أجمل وأعظم أشعاره في سيف الدولة الحمداني، حيث كتب له عن المدح والوصف وغيرها، حيث عاش أفضل حياته في بلاط سيف الدولة الحمداني وأصبح من أهم شعراء البلاط، حتى أنّه شارك سيف الدولة في العديد من المعارك وكان يصف له المعارك التي قام بها.
قصة قصيدة ” على قدر اهل العزم تأتي العزائم “:
كتب المتنبي هذه القصيدة على أثر موقف جليل وحدث عظيم، حيث وقعت معركة تاريخة بين المسلمين بقيادة ” سيف الدولة ” والروم بقيادة ” الدمستق ” حيث كانت على مشارف قلعة الحدث وهذه القلعة كانت آنذاك خاضعة للروم حيث كان جيش الروم يتفوق بشكل كبير من حيث العدد على جيش سيف الدولة الذي لم يكن مستعداً لهذه المعركة، إذ كان هدف سيف الدولة الحمداني إعادة إعمار وبناء تلك القلعة، فوقعت المعركة التي أبان فيها الأمير وجنوده عن صبر وشجاعة فاقت التصور، حتى أنّ المتنبي أطلق على هذه المعركة اسم الحدث الحمراء، لكثرة الدماء التي أريقت فيها حيث قال فيها أجمل الكلمات وأروع الوصف لتلك المعركة التي دارت بين المسلمين والروم.
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
أنهى قصيدة بكلمات تفوق التصوير والجمال، قائلاً:
لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ
فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ
وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى
فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ
عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ
إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ
أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَداً
وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ
هَنيئاً لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلى
وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ
وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى
وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ