قصة قصيدة فإن تمنعوا منا المشقر والصفا
أمّا عن مناسبة قصيدة “فإن تمنعوا منا المشقر والصفا” فيروى بأنه عندما سجن إبراهيم الإمام في مدينة حران، وتيقن بأنه ميت لا محالة، كتب وصية وبعث بها إلى أخاه أبي العباس السفاح، وكتب له بها بأنه يوصيه بأن يقوم بالدولة، وأن لا يهدأ له بال حتى تقوم، وبأن يتوجه إلى الكوفة، وبعث بهذه الوصية مع رجل يقال له سابق الخوارزمي، وهو أحد مواليه، وأمره بأن لا يتوانى حتى يصل بهذه الوصية إلى أخيه أبي العباس، وعندما توفي إبراهيم، توجه سابق إلى الحميمة، ودخل إلى مجلس أبي العباس، وأعطاه الوصية، فأمره السفاح بأن لا يخبر أحدًا بخبر الوصية.
ومن ثم اجتمع أبو العباس مع أهل بيته، وأخبرهم بخبر أخيه، ومن ثم خرج هو وأخوه أبو جعفر، وابن أخيه عيسى بن موسى، وعمه عبد الله بن علي، وتوجهوا إلى الكوفة، وبينما هم في طريقهم إلى الكوفة نزلوا عند ماء في الطريق، فلقيتهم هنالك أعرابية، وقالت لهم: والله إني أرى بأن هذا سيصبح الخليفة، وأشارت إلى أبو العباس، ومن ثم تصبح أنت الخليفة من بعده، وأشارت إلى عبد الله بن علي، ومن بعدها اكمل القوم المسير، وعندما وصلوا إلى دومة الجندل، لقيهم رجل يقال له داود وابنه موسى، فسألوهم عن وجهتهم، فأجابهم أبو العباس بأنه يقصد الكوفة، وأخبرهم بأن أهل خراسان قد أقاموا حراك مع أبي مسلم، فقال له داود: أتدخل الكوفة وفيها مروان بن الحكم زعيم بني أمية، فقال له أبو العباس من أحب الحياة ذل، ومن ثم أنشد شعرًا للأعشى قال فيه:
فَإِن تَمنَعوا مِنّا المُشَقَّرَ وَالصَفا
فَإِنّا وَجَدنا الخَطَّ جَمّاً نَخيلُها
وَإِنَّ لَنا دُرنى فَكُلَّ عَشِيَّةٍ
يُحَطُّ إِلَينا خَمرُها وَخَميلُها
فَإِنّا وَجَدنا النيبَ إِن تَفصِدونَها
يُعيشُ بَنينا سيئُها وَجَميلُها
أَبِا لمَوتِ خَشَّتني عِبادٌ وَإِنَّما
رَأَيتُ مَنايا الناسِ يَسعى دَليلُها
فَما ميتَةٌ إِن مِتُّها غَيرَ عاجِزٍ
بِعارٍ إِذا ما غالَتِ النَفسِ غولُها
فالتفت داود إلى ابنه، وقال له: يا بني، لقد صدق والله، هيا بنا نعد معهم، فنعيش كرامًا أو نموت، وعادا معهم، وساروا حتى دخلوا الكوفة.
نبذة عن الأعشى
هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، من شعراء العصر الجاهلي، ولقب بالأعشى لأنه كان كفيفًا.