نقص عليكم اليوم خبر ابن هانئ الأندلسي، وانتقاله في البلاد بعد أن أخرج من إشبيلية، واتصاله بالمعز بن باديس.
من هو أبو قاسم الأزدي الأندلسي؟
أبو القاسم محمد بن هانئ بن سعدون الأندلسي، الملقب بابن هانئ الأندلسي، من شعراء الأندلس.
قصة قصيدة فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر
أما عن مناسبة قصيدة “فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر” فيروى بأن أبا القاسم الأزدي الأندلسي، كان أديبًا وشاعرًا من شعراء المغرب العربي، وكان عند أهل المغرب كالمتنبي عند أهل المشرق، وبرز في الشعر، فلم يكن أحد يستطيع أن يجاريه فيه، ولكنه كان متهمًا بالفلسفة وبأنه يسلك في شعره مسلك أبي العلاء المعري، وبقي يعلو في أقواله وشعره، حتى أخرجه أهل الأندلس من وطنه، ففي يوم من الأيام استدعاه صاحب إشبيلية، وأخبره بأن يخرج منها، درءًا للفتنة.
فخرج أبو القاسم من إشبيلية وأخذ يتنقل في البلاد، حتى وصل إلى عدوة المغرب، وهنالك لقي جوهر القائد مولى المنصور فأقام عنده مدة من الزمان ومدحه، ومن ثم خرج من هنالك وتوجه إلى الزاب، واتصل هنالك بجعفر بن الأندلسية وأخيه يحيى، وأقام عندهما مدة من الزمان، وأحسنا له وأكرماه، وبقي عندهما حتى وصل خبره للمعز بن باديس، فاستدعاه للقدوم عنده، فخرج إليه، وأتاه، وتزل عنده، فبالغ المعز في إكرامه، ومدحه أبو القاسم بقصائد عديدة، منها قصيدته التي أنشد فيها:
فُتِقَتْ لكم ريحُ الجِلادِ بعنبرِ
وأمدَّكُمْ فَلَقُ الصّباحِ المسْفِرِ
يمدح الشاعر المعز بن باديس، ويقول بأنه قد أخذ من ريح الجلاد رائحة العنبر، ووجه منير كأنه ضوء الصباح.
وجنَيْتُمُ ثَمَرَ الوقائِعِ يانِعاً
بالنصر من وَرَق الحديدِ الأخضَر
وضربتُمُ هامَ الكُماةِ ورُعْتُمُ
بِيضَ الخُدورِ بكلِّ ليثٍ مُخدِر
أبَني العَوالي السَّمْهرِيّةِ والسّيوفِ
المَشرَفيّةِ والعَديدِ الأكثر
مَنْ منكُمُ المَلِكُ المُطاعُ كأنّهُ
تحتَ السَّوابغِ تُبّعٌ في حِمْيَر
كلُّ الملوكِ من السروجِ سواقِطٌ
إلاّ المُمَلَّكَ فوق ظهرِ الأشقر
القائدَ الخيلِ العِتاقِ شَوازباً
خُزراً إلى لَحْظِ السِّنان الأخزر
شُعْثُ النَّواصي حَشرةً آذانُها
قُبَّ الأياطلِ ظامِياتِ الأنْسُر
تَنبو سنابكُهُنَّ عن عَفْر الثَّرى
فيطَأنَ في خدِّ العزيزِ الأصعر
جيشٌ تَقَدَّمَهُ اللُّيوثُ وفوقها
كالغِيلِ من قصَبِ الوشيج الأسمر
وعندما رحل المعز إلى مصر، استأذن أبو القاسم منه لكي يعود إلى إشبيلية ويأتي بأهله، ويلحق به، فأذن له، وتوجه إلى إشبيلية، وبينما و في الطريق نزل عند أحد أصدقائه، وفي ليلة خرج سكران من بيت صديقه، وفي الصباح وجده أهل الحي ميتًا، وعندما وصل خبر موته للمعز أسف عليه أسفًا عظيمًا.
الخلاصة من قصة القصيدة: كان أبو قاسم الأندلسي من أفضل شعراء الأندلس، ولكنه اتجه متجه الفلاسفة، فأخرجه صاحب إشبيلية منها، وبقي يتنقل بين البلاد حتى دعاه المعز بن باديس، فأقام عنده، وأصبح من جلسائه.
