قصة قصيدة قتلنا بعبد الله خير لدانه
أمّا عن مناسبة قصيدة “قتلنا بعبد الله خير لدانه” فيروى بأنه في يوم من الأيام خرج دريد بن معاوية “الصمة” لكي يغير على إبل تعود إلى قبيلتي عبس وفزارة، وكان معه في هذه الغزوة أخيه عبد الله، وكان دريد قد نصح أخاه قبل أن يخرجا بأن لا يخرج، ولكن عبد الله لم يستمع لكلام أخيه، فخرج الاثنان، وعندما وصلوا إلى مكان الإبل، خرج عليهم فرسان القبيلتين، وتقاتلوا معهم، واشتد القتال، حتى قتل عبد الله، ووقع دريد من على حصانه صريعًا، فظنه القوم قد مات، وعادوا إلى ديارهم.
وفي مساء ذلك اليوم عاد القوم إلى مكان القتال، وبينما هم يتفقدون المكان قال ابن خرشاء العبسي للقوم بأنه يعتقد بأن دريد لم يمت، وبأنه ما يزال حيًا، فقال له الربيع بن زياد: وما الذي جعلك تعتقد ذلك؟، فقال له ابن خرشاء: إن أرى عرقًا ف رقبته ما زال ينبض، فاسمح لي أن أضربه بسيفي حتى أتأكد من موته، فرفض الربيع بن زياد اقتراحه، وقال له بأنه لن يسلم من لسان العرب إن فعل ذلك، ثم أمره أن يحمله إلى مكان آمن، حيث أنه كان دريد قد صنع له معروفًا فيما مضى، وبذلك يكون قد رده إليه.
وبعد أن تعافى دريد من جراحه، سلمه أبناء قبيلته هوازن الرئاسة مكان أخيه عبد الله، فخرج هو ومجموعة من فرسان قبيلته، ولقي جماعة عبس وذبيان، واقتتل الجمعان، وتمكن دريد وفرسانه من قتل ما يزيد عن المائة فارس منهم، وقام بأسر ذؤاب بن زيد، وهو من قتل أخيه، وفي خبر ذلك أنشد دريد بن الصمة قائلًا:
قَتَلنا بِعَبدِ اللَهِ خَيرَ لِدانِهِ
وَخَيرَ شَبابِ الناسِ لَو ضُمَّ أَجمَعا
ذُؤابَ بنَ أَسماءَ بنِ زَيدِ بنِ قارِبٍ
مَنيَّتُهُ أَجرى إِلَيها وَأَوضَعا
فَتى مِثلُ مَتنِ السَيفِ يَهتَزُّ لِلنَدى
كَعالِيَةِ الرِمحِ الرُدَينِيِّ أَروَعا
وكانت أمه قد حضَّته على أن يثأر لأخيه فأنشد قائلًا:
ثَكِلتِ دُرَيداً إِن أَتَت لَكِ شَتوَةٌ
سِوى هَذِهِ حَتّى تَدورَ الدَوائِرُ
وَشَيَّبَ رَأسي قَبلَ حينِ مَشيبِهِ
بُكاؤُكِ عَبدَ اللَهِ وَالقَلبُ طائِرُ
إِذا أَنا حاذَرتُ المَنِيَّةَ بَعدَهُ
فَلا وَأَلَت نَفسٌ عَلَيها أُحاذِرُ
نبذة عن دريد بن الصمة
هو دريد بن الصمة الجشمي البكري من قبيلة هوزان، وهو من المعمرين في العصر الجاهلي.