نبذة عن لبيد بن ربيعة:
هو أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن مالك العامري، صحابي وشاعر، ولد في عام خمسمائة وستون ميلادي، وتوفي في عام ستمائة وواحد وستون ميلادي.
قصة قصيدة قوما تجوبان مع الأنواح:
أما عن مناسبة قصيدة “قوما تجوبان مع الأنواح” فيروى بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بمجموعة من الصحابة إلى قوم لكي يعلموهم القرآن، ويفقهونهم في أمور دينهم، وبينما هم في طريقهم إلى القوم خرج لهم رجل يدعى عامر بن الطفيل، فقتلهم يومها، وكان ذلك في مكان يدعى بئر معونة، فلم ينجو أحد منهم إلا رجل واحد.
ومن بعد ذلك أتى عامر بن الطفيل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم، وكان يريد أن يغدر به، ودخل عليه وقال له: يا محمد خالني، فقال له الرسول: لا والله حتى تؤمن بالله وحده، وبقي يكلم الرسول ويطلب منه أن يخاله ولكن الرسول رفض ذلك، فقال له عامر: والله لأملأنها عليك بالخيل والرجال، وعندما خرج من عنده دعا الرسول قائلًا: اللهم اكفني عامر بن الطفيل.
ومن ثم توجه عائدًا إلى دياره، حتى إذا كان في منتصف الطريق بعث له الله بالطاعون، ومات بسببه في بيت امرأة من بني السلول، وبلغ خبر مقتله إلى قومه، وعلموا أنه قد مات وهو خارج من عند رسول الله صل الله عليه وسلم، فخرجوا من ديارهم، وجعلوا يرتحلون، فقال لهم رجل يدعى أبو البراء: ماذا تفعلون أيها القوم؟، فأخبروه بالذي حدث مع عامر، وبأنه سبب ترحالهم، فقال لهم: أتفعلون ذلك من دون أن آمركم به؟، فقالوا له: لقد زعم الناس أن بعض عقلك قد غاب عنك.
فبعث أبو البراء إلى لبيد بن ربيعة، وعندما أتاه، وجلس قال له: يا لبيد، إذا حدث بعمل حدث ما الذي قد تقوله؟، فإن القوم يقولون بأن عقلي قد ذهب، والموت عندي أهون من أن يذهب عقلي، فقال لبيد:
قوما تَجوبانِ مَعَ الأَنواحِ
في مَأتَمٍ مُهَجِّرِ الرَواحِ
يَخمِشنَ حُرَّ أَوجُهٍ صِحاحِ
في السُلُبِ السودِ وَفي الأَمساحِ
وَأَبِّنا مُلاعِبَ الرِماحِ
أَبا بَراءٍ مِدرَهَ الشِياحِ
يا عامِرا يا عامِرَ الصَباحِ
وَمِدرَهَ الكَتيبَةِ الرَداحِ
وَفِتيَةٍ كَالرَسَلِ القِماحِ
باكَرتَهُم بِحُلَلٍ وَراحِ
وَزَعفَرانٍ كَدَمِ الأَذباحِ
وَقَينَةٍ وَمِزهَرٍ صَدّاحِ
لَو أَنَّ حَيّاً مُدرِكِ الفَلاحِ
أَدرَكَهُ مُلاعِبُ الرِماحِ
كانَ غِياثَ المُرمِلِ المُمتاحِ
وَعِصمَةً في الزَمَنِ الكَلاحِ
وعندما أثقل أبو البراء في الشراب اتكأ على سيفه، وقال: لا خير في الحياة عندما يعصيني بنو عامر.