قصة قصيدة كنت ليلا مع أمير المؤمنين:
أمّا عن مناسبة قصيدة “كنت ليلا مع أمير المؤمنين” فيروى بأنه في يوم خرج صحابي يقال له أسلم رضي الله عنه مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ليلة يمشون بين أحياء المسلمين، وبينما هم في مسيرهم رأى عمر بن الخطاب نارًا، فقال لأسلم: يا اسلم هلم بنا نرى ما بهم، فساروا إليهم، وعندما وصلوا رأوا امرأة معها أبنائها، وعلى النار قدرًا، والأولاد يبكون، فاقترب منها الخليفة، وقال لها: السلام عليكم يا أختي، فردت عليه المرأة السلام، فقال لها: ما بالكم؟، فقالت له: لقد قصر بنا الليل والبرد، فسألها عن أبنائها وسبب بكائهم، فردت عليه قائلة: من الجوع.
فسألها الخليفة عما تصنع لهم طعامًا في القدر، فردت عليه بأنه لا يوجد عندها طعام تصنع لهم، وبأنها لم تضع به سوى الماء، وتصبرهم لعلهم يناموا وهم بنتظرون، ثم قالت: الله بيننا وبين أمير المؤمنين، فبكى الخليفة وعاد مسرعًا إلى دار الدقيق، وأخرج منه دقيقًا، وأخذ لحمًا، وقال لخادمه: ضعه على ظهري، فقال له: أحمله أنا، فرفض عمر وأصر على أن يحمله هو، وحمله وانطلقوا إلى بيت الامرأة.
وعندما وصلوا وضع الدقيق على الأرض، ووضع منه في القدر، وألقى عليه من اللحم، وبدأ ينفخ تحته، والدخان يدخل ما بين لحيته، وعندما نضج الطعام، وضع منه للأطفال، فأخذوا يأكلون حتى شبعوا، والمرأة تدعوا له، من دون أن تعرف من هو، وبقي عندهم حتى نام الأطفال، وعندها انصرف.
وكانت هذه القصة سببًا لأحدهم لكي يكتب قصيدة على شكل قصة تروي ما حدث في تلك الليلة، حيث قال:
كنت ليلاً مع أمير المؤمنين
عمر الفاروق ذي القدر المكين
صاحب الدرة ثاني الراشدين
مَن به الله أعز المسلمين
فقووا حتى أذلوا المشركين
وإذا نار أضاءت سحرا
قال يا أسلم قم ماذا أرى
علَّهم ركب يريدون القِرى
فخرجنا وهو كالسهم انبرى
ودنونا من خِبَاء المصطلين
فإذا بامرأة قد نصبت
قدرها بين عيال أعولت
ثم حيينا فردت واستوت
قال هل أدنو فقالت إن أردت
فبخير أودع القلب الحزين
قال ما بال العيال تصرخ
قالت الجوع وإني أنفخ
أُوهِم الصبية أني أطبخ
علَّهم من بعد ذا أن يفرخوا
ويناموا حول قِدري جائعين
حالة الشاعر:
كانت حالة الشاعر عندما كتب هذه القصيدة الإعجاب بحال أمير المؤمنين وعطفه على أمته، وتدبر أحوالهم.