قصة قصيدة لعل الذي يبلو بحبك يا فتى
أمّا عن مناسبة قصيدة “لعل الذي يبلو بحبك يا فتى” فيروى بانه قد كانت فتاة من أهل البصرة رجلًا يقال له علي بن صلاح بن داود، وقد كانت هذه الفتاة معروفة بأنها من شاعرات المدينة، وبسبب معرفتها في الأدب والشعر، لم يقبل أن يبعث لها ويراسلها، وفي يوم من الأيام دخل علي بن صالح إلى مجلس أحد رجال المدينة، وعندما دخل وجدها جالسة في المجلس، وعندما رأته قالت بصوت عال: والله إن عيشنا قد طاب في هذا اليوم، ولكنه لم يلتفت إليها، وعندما رات هذا الإعراض منه عنها، أعرضت عنه هي الأخرى، ولم تلتفت إليه.
وقبل أن يقوم الحاضرون، ويغادرون إلى بيوتهم، طلبت ورقة، فأتوها بها، فأمسكتها وكتبت عليها، ومن ثم أغلقتها، وغافلت الجالسين ونولته إياها، فأمسك بها، وفتحها، وقرأ ما فيها، فوجدها قد كتبت له:
لعل الذي يبلو بحبك يا فتى
يردك لي يوما إلى أحسن العهد
وعندما قرأ ما فيها، أحس بأنَّ أمرها في قلبها أصبح كالنار، وتغيرت حاله، فقام وغادر المجلس، قبل أن يشعر الحاضرون بأنَّ هنالك أمرًا به، ويفضح أمامهم، ثم أنه من بعد ذلك أصبح يلحق بها أينما ذهبت، ويطلب لقائها في كل وقت وحين، وعندما ازداد حبه لها، ولم يعد يستطع أن يفارقها، ذهب إلى مولاها، وعرض عليه أن يشتريها منه، ولكنه رفض ذلك، حيث كان يحب أن يجالسها، ويستمع إلى ما تقول من أشعار.
ولكن الجارية أرادت هي الأخرى أن يشتريها من سيدها، وعندما تيقنت من أنه يريد شرائها، وبأن سيدها رفض أن يبيعها امتنعت عن القاء الشعر في مجالسه، وانقطعت عن وجهها ضحكتها، فتغير كل حالها، وأصبحت حزينة، وعندما رأى سيدها كل ذلك قرر أن يبيعها له، فاشتراها منه وأخذها إلى بيته، ومن بعدها لم يحرمها من أي شيء، ولم يحب أحدًا من أهله أكثر منها، ولم يكن عنده شيء أغلى عليه منها، حتى توفيت في يوم من الأيام، وعندما وصله خبر موته، مرض مرضًا شديدًا، وبقي مريضًا عدة أيام، حتى توفي، ودفنوه بجانبها.
حالة الشاعرة:
كانت حالة الشاعرة عندما ألقت هذه القصيدة الرجاء بأنه الذي ابتلاها بحب حبيبها، يبليه بحبه كما ابتلاها.