ما لا تعرف عن قصة قصيدة “لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا”:
أمَّا عن قصة قصيدة “لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا” يحكى أنَّ سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه في عزوة بدر قد قتل اثنين من الكفار فعندما شاهدة زوجة أحد الذي قتلهم الخبيب نذرت على نفسها نذرًا فنذرت أنَّ تشرب الخمرة برأس خبيب بن عدي وقالت من يقبض عليه سأدفع أي ثمن.
وفي يومًا وقعت هذه الحادثة “بئر عونة” وقد احتال الكفار على ثلاتة من الصحابة ومن ضمنهم الخبيب بن عدي فقتلوا اثنين منهم فربطوا سيدنا الخبيب واخذوه إلى مكة وباعوه لهذه المرآة التي قتل سيدنا خبيب زوجها وربطوه بالسلاسل وبما أنهم قبضوا عليه في الأشهر الحرم قالوا: لا يصح قتله، لذا قرروا أن يذبحوه بعد انتهاء الأشهر الحرم فوضعوه في بيت يسكنه رجل و امرآة وابنيهما الصغير فأوثقوه وأمروا سكان البيت بالتيقظ والحرص بالاحتفاظ عليه.
وذات مرة كان الرجل صاحب البيت غير موجود وتحكي زوجته وتقول: ادخل على خبيب بن عدي الحجرة ونحن في برد الشتاء فاجد في يده عنقوداً من العنب ووالله ما في مكة حبة عنب (لا توجد في مكة حبة عنب وهو مربوطاً بالسلاسل وجالس يأكل عنباً) معجزة من معجزات الله سبحانه وتعالى، فتقول المرأة: وعندما دخل عليه مرة بعدها أجد في يده طعاماً آخر وفي مرة ثالتة أجد في يده طعاماً آخر.
وفي يوم قال لها وكان ذلك قبل أن يقتل بيومين: أعطيني موسًا فسألته لماذا يريده، فقال لها: لقد علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نقوم بقص الأظافر وحلق شعرنا ووتهذيب شواربنا وبينما هو يحلق أتى إبنها الصغير وجلس بالقرب منه فخافت أن يقتله، فانتبه لذلك وقال لها: لا تخافي فإني أخاف الله ومن يخاف الله لايفعل ماأنت خائفة منه فخذي إبنك ولا تقلقي.
وبعد إنقضاء الأشهر الحرم قاموا بأخذ الخبيب إلى خارج مكة وعلقوه في شجرة وربطوه إليها، وقاموا بجمع كل أهل قريش وكان من الحاضرين أبا سفيان فقال لهم: لا تقتلوه نحن نريد أن نعذبه فاقطعوا يديه وقدميه وبينما هم يعذبونه اقترب منه أبو سفيان وقال له: يا خبيب إني أستحلفك أن تقول الصدق، ألا تحب أن يكون محمد مكانك؟ فقال له خبيب: والله إني لا أحب أن يكون رسول الله جالسًا في بيته وأن تدخل في قدمه شوكة فكيف أرضى وأحب أن يكون مكاني، فجن جنون أبا سفيان وقال والله ما رأيت أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدًا له، ثم قال لخبيب: أترغب في شيء قبل أن تموت، فقال له خبيب: نعم أريد أن أصلي ركعتين فأمر الذين معه أن ينزلوه ويحققوا له مطلبه، ففكوه فصلى وبعد أن أكملهم نظر إلى أبي سفيان وقال له: والله ما قصرت في صلاتي إلا لكي لاتظنوا بأني أخاف الموت، ولولا ذلك لأطلت فيها فأعادوه إلى الشجرة فقال:
ولست أبالي حين اقتل مسلما
على اي جنب كان في الله مصرعي.
ثم أخذ يدعو الله بأعلى صوته ويقول:
اللهم احصهم عدداً واقتلهم بددا ولا تغادر منهم احداً.
وعندما قالها قال أبو سفيان لقريش: إنبطحوا لكي لاتصيبكم دعوته، فانبطحوا جميعهم وبقي الخبيب وحده رافعًا رأسه، فضحك وقال: اللهم بلغ عني مافعلته بهم، فنزل جبريل على رسوال الله صل الله عليه وسلم وأخبره بما حدث لخبيب وهم يقتلونه، فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام أحدًا من الصحابة بأن يذهب إلى مكة ويحضر جثة الخبيب، فذهب ووصل في الظلمة وصعد لعند الشجرة التي ربط بها الخبيب وفكّه وأنزله من عليها، وبينما هو ينزل فيه وقع منه فأخذ يبحث عنه ولم يجده فضل يبحث عنه؛ لأنه لايستطيع العودة إلى رسوال الله من دونه، وانتظر حتى طلع ضوء الصباح وعاود البحث عنه ولكنه لم يجده، فعاد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام حزينًا وأخبره بما حصل، فابتسم له الرسول وقال له: لاعليك دفنته الملائكة.
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا
قبائلهم واستجمعوا كل مُجمعِ
وكلهم مبدٍ للعداوة جاهد
عليّ لأني في وصال بمضبعِ
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم
وقربت من جذع طويل ممنعِ
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي
وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فيارب صبرني على ما يراد بي
فقد بضعوا الحمى وقد يأس مطمعي
وقد خيروني الكفر والموت دونه
وقد هملت عيناني من غير مجزعِ
وما بي حذار الموت إني لميت
ولكن حذاري جسم، ار ملفعِ
ولست أبالي حين أقتل مسلماً
على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزعِ
ولست بمبدٍ للعدو تخشعاً
ولا جزعاً إني إلى الله مرجعي
فوالله ما أرجـــو إذا مت مسل
على أي جـنب كان في الله مصرعي
فلست بمبــد للعدو تخشـــو
لا جـــزعا اني الي الله مرجع