لله در عصابة نادمتهم

أمّا عن مناسبة قصيدة “لله در عصابة نادمتهم” فيروى بأنه في العصر الجاهلي، وفي يوم من الأيام خرج حسان بن ثابت من المدينة المنورة، وتوجه إلى اليمن، وأراد من ذلك الدخول إلى مجلس عمرو بن الحارث الأعرج، وعندما وصل، حاول أن يدخل المجلس أكثر من مرة، ولكنه لم يتمكن من ذلك، وفي يوم أتى إلى الحاجب على باب المجلس، وقال له إن لم أدخل إلى المجلس، فسوف أقوم بهجاء اليمن كلها، فدخل الحاجب إلى عمرو بن الحارث، وأخبره بذلك، فسمح له بالدخول، وعندما دخل وجد عنده النابغة الذبياني وعلقمة الفحل.

وعندما وقف حسان بن ثابت أمامه، قال له عمرو: يا ابن القريعة، إني أعرف نسبك في غسان، فعد من حيث أتيت، فإنك لا تحتاج أن تنشد الشعر، وهاذان الاثنان موجودان، فإنهما سوف يفضحانك، وإن فضحت أنت، فسوف أفضح أنا، وأنت والله لا تستطيع أن تقول كما يقول النابغة:

رِقاقُ النِعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُم
يُحَيّونَ بِالريحانِ يَومَ السَباسِبِ

تُحَيّهِمُ بَيضُ الوَلائِدِ بَينَهُم
وَأَكسِيَةُ الإِضريجِ فَوقَ المَشاجِبِ

يَصونونَ أَجساداً قَديماً نَعيمُها
بِخالِصَةِ الأَردانِ خُضرِ المَناكِبِ

وَلا يَحسَبونَ الخَيرَ لا شَرَّ بَعدَهُ
وَلا يَحسِبونَ الشَرَّ ضَربَةَ لازِبِ

حَبَوتُ بِها غَسّانَ إِذ كُنتُ لاحِقاً
بِقَومي وَإِذ أَعيَت عَلَيَّ مَذاهِبي

فرفض حسان بن ثابت أن يخرج، وقال لعمرو: لا بد من ذلك، فقال له عمرو: أمرك للنابغة والفحل، فتوجه حسان لهما، وقال: بحق الملك أن تقدماني عليكما، فوافقا على ذلك، فأنشد قائلًا:

لِلَّهِ دَرُّ عِصابَةٍ نادَمتُهُم
يَوماً بِجِلَّقَ في الزَمانِ الأَوَّلِ

يَمشونَ في الحُلَلِ المُضاعَفِ نَسجُها
مَشيَ الجِمالِ إِلى الجِمالِ البُزَّلِ

الضارِبونَ الكَبشَ يَبرُقُ بَيضُهُ
ضَرباً يَطيحُ لَهُ بَنانُ المَفصِلِ

وَالخالِطونَ فَقيرَهُم بِغَنِيِّهِم
وَالمُنعِمونَ عَلى الضَعيفِ المُرمِلِ

أَولادُ جَفنَةَ حَولَ قَبرِ أبيهِمُ
قَبرِ اِبنِ مارِيَةَ الكَريمِ المُفضِلِ

يُغشَونَ حَتّى ما تَهِرُّ كِلابُهُم
لا يَسأَلونَ عَنِ السَوادِ المُقبِلِ

يَسقونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيهِمُ
بَرَدى يُصَفِّقُ بِالرَحيقِ السَلسَلِ

يُسقَونَ دِرياقَ الرَحيقِ وَلَم تَكُن
تُدعى وَلائِدُهُم لِنَقفِ الحَنظَلِ

بيضُ الوُجوهِ كَريمَةٌ أَحسابُهُم
شُمُّ الأُنوفِ مِنَ الطِرازِ الأَوَّلِ

فَعَلَوتُ مِن أَرضِ البَريصِ إِلَيهِمُ
حَتّى اِتَّكَأتُ بِمَنزِلٍ لَم يوغَلِ

فسر عمرو بن الحارث بما سمع من حسان بن ثابت، وعندما انتهى، قال له: هذا وأبيك الشعر، لا ما يسمعاني إياه منذ الصباح، أحسنت، وأمر له بألف دينار، وقال له: لك مثلها مني في كل عام.

الآثار والتأثير لقصيدة لله در عصابة نادمتهم

تُعتبر هذه القصيدة من أشهر قصائد حسان بن ثابت، حيث تُعبّر عن مشاعر الحنين والوفاء للأصدقاء.

حقائق تاريخية عن قصيدة لله در عصابة نادمتهم

• حسان بن ثابت هو أحد شعراء العصر الجاهلي والإسلامي.

• كان حسان بن ثابت من أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

• تميز حسان بن ثابت بشعره الحماسي والمديح النبوي.

نبذة عن حسان بن ثابت

حسان بن ثابت الأنصاري، شاعر عربي وصحابي من الأنصار، ينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة المنورة.