اقرأ في هذا المقال
ما لا تعرف عن الشاعر الأعشى الهمداني:
أمَّأ عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو عبد الرحمن بن نظام بن جشم بن يعرب بن قحطان، من قبيلة همدان، ويكنى أبا المصبح وهو شاعر فصيح من شعراء الدولة الأموية. كان الأصمعي يحفظ له الكثير من الأشعار والأخبار.
وقال فيه الجاحظ أنه من الخطباء والشعراء والعلماء وممن تأتي له الأشراف.
ما لا تعرف عن قصة قصيدة “لما سفونا للكفور الفتان”:
كان شعر الأعشى إما مدحًا كما قال في (نصر ثورة ابن الأشعت):
يَأَبى الإِلَهُ وَعِزَّةُ اِبنِ مُحَمَّدٍ
وَجُدودِ مَلكٍ قَبلَ آلِ ثَمودِ
أَن تَأنَسوا بِمُذَمَّمينَ عُروقُهُم
في الناسِ إِن نُسِبوا عُروقُ عَبيدِ
كَم مِن أَبٍ لَكَ كانَ يَعقِدُ تاجَهُ
بِجَبينِ أَبلَجَ مِقوَلٍ صِنديدِ
وَإِذا سَأَلتَ المَجدُ أَينَ مَحَلُّهُ
فَالمَجدُ بَينَ مُحُمَّدٍ وَسَعيدِ
بَينَ الأَشَجِّ وَبَينَ قَيسٍ باذِجٌ
بَخ بَخ لِوالِدِهِ وَلِلمَولودِ
أو هجاءً فكان معتادًا على هجاء الحجاج الثقفي قصيدةً وكان يكتب فيه كلما اتيحت له فرصة لذلك، وهو ما كان سببًا في مقتله عندما تمكن الحجاج منه.
ومن ذلك أنه عندما أسر في معركة دير الجماجم وسيق إلى الحجاج قال له الحجاج: الست أنت من قال:
لما سَفَوْنا للكَفور الفَتّان
بالسيد القِطريف عبد الرحمن
سار يجمِّع كالقطا من قحطان
ومن مَعَدّ قد أتى ابن عَدنانِ
أأمكن ربي ثقيف هَمدان
يوماً إلى الليل يسلى ما كان
إن ثقيفاً منهم الكذّابان
كذّابها الماضي وكذّاب ثانِ
أو أنت القائل هذه الأبيات:
يابن الأشج فريع كندة
لا أبالي فيك عتباً
أنت الرئيس ابن الرئيس
وأنت أعلى الناس كعبا
نبئت حجاج بن يوسف
خر من زلق فتبا
فرد عليه الأعشى قائلاً كلا يا عدو الله بل أنا القائل أيها الامير:
أبى الله إلا أن يتم نوره
ويطفئ نار الفاسقين فتَخمدا
وينزل ذلاً بالعراق وأهله
كما نقضوا العهد الوثيق المؤكدا
وما لبث الحجاج أن سلّ سيفه
علينا فولى جمعنا وتبدّدا
وما زاحف الحجاج إلا رأيته
حُساماً ملقٍ للحروب مُعوّدا
فكيف رأيت الله فرّق جمعهم
ومزّقهم عرض البلاد وشرّدا
بما نكثوا بيعة بعد بيعة
إذا ضمنوها اليوم خَاسوا بها غدا
ما أحدثوا من بدعةٍ وعظيمة
من القوم لم تصعد إلى الله مَصعدا
فقال الحاضرون أنه قد أحسن يا أمير المؤمنين فأخلي سبيله، فقال لهم الحجاج: أتظنون أنه كان يمدحنا! لا والله ولكنه أراد أن يحرض أصحابه علينا وأتجه نحو الأعشى وقال له: أتظن يا عدو الله أنك خدعتني بهذا الشعر وتريد أن أعفو عنك وأنت القائل:
وإذا سألتَ المجدُ أين مَحلّه
فالمجد بين محمد وسعيد
بين الأغرِّ وبين قيس باذخٌ
بَخْ بَخْ لوالده وللمولود
والله لن تبخبخ بعد اليوم أبداً، ألم تقل هذا:
وأصابني قومٌ وكنتُ أصيبهم
فاليوم أصبر للزمان وأعرف
والله أنك لكذاب فأنت لست بصابر وليس عندك المعرفة وقلت:
وإذا تُصبك من الحوادث نكبةٌ
فاصبر فكل غَيَابة ستكشّف
والله لتصبح نكبة لا تنكشف غيابتها عنك أبدا! وبعد هذا الحديث قطع رأسه.