قصة قصيدة لنا صاحب لا كليل اللسان
أمّا عن مناسبة قصيدة “لنا صاحب لا كليل اللسان” فيروى بأنه كان لأبي الأسود الدؤلي صديقًا يقال له الحارث بن خليد، وكان الحارث بن خليد أحد أشراف المدينة التي يعيش بها أبي الأسود، وفي يوم من الأيام اجتمع الاثنان، وجلسا سوية، وبينما هما جالسين قال الحارث لأبي الأسود: ما الذي يمنعك أن تطلب الديوان لنفسك، فإن فعلت وأصبحت قائمًا عليه غنيت وكان خيرًا لك، فقال له أبو الأسود: لقد أغناني الله تعالى عنه بالقناعة والتجمل بالصبر، فقال له الحارث: لا والله، إن الذي جعلك تتركه هو حبك لعلي بن أبي طالب، وكره هؤلاء القوم.
وازدادت حدة الكلام بين الاثنان، حتى أغلظ الحارث بن خليد لأبي الأسود، فقام أبو الأسود وترك المجلس غاضبًا منه، وبعد أن خرج ندم الحارث على ما بدر منه من كلام تجاه أبي الأسود، فطلب من كبار القوم أن يصلحوا بينهما، فبعثوا في طلب أبي الأسود، وأجلسوه، وأخبروه بأن الحارث بن خليد يعتذر منه بسبب ما بدر منه من كلام تجاهه، فأنشد أبو الأسود قائلًا:
لَنا صاحِبٌ لا كَليلُ اللِسانِ
فَيَصمُتُ عَنّا وَلا صارِمُ
وَشَرُّ الرِجالِ عَلى أَهلِهِ
وَأَصحابِهِ الحَمِقُ العارِمُ
وقال فيه:
تَعَلَّم بِأَنّي إِن أَرَدتَ صَحابَتي
لِتَعلَمَ مِنّي ما تُريدُ وَتَتَّقي
شَنِئتُ مِنَ الصُحبان مَن لَستُ زائِلاً
أُدامِلُهُ دَملَ السِقاءِ المُخرَّقِ
إِذا كانَ شيءٌ بَينَنا قيلَ إِنَّهُ
حَديدٌ فَخالِف جَهلَهُ وَتَرفَّقِ
نبذة عن أبي الأسود الدؤلي
هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل ظالم بن عمرو بن سليمان بن عمرو بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهو من أسياد التابعين، وكان محدثًا وفقيهًا وشاعرًا.
هو أول من وضع علم النحو، وأول من شكل أحرف المصحف بأمر من علي بن أبي طالب.
ولد أبو الأسود الدؤلي في عام ستة عشر قبل الهجرة في الحجاز في شبه الجزيرة العربية، وتوفي في البصرة في العراق في عام تسعة وستون للهجرة.