قصة قصيدة لها بشر مثل الحرير ومنطق

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة لها بشر مثل الحرير ومنطق

أمّا عن مناسبة قصيدة “لها بشر مثل الحرير ومنطق” فيروى بأن ذو الرمة كان يحب فتاة يقال لها مي، ويروى بأنه التقاها حينما مر في يوم من الأيام من حي قومها، وبينما هو في الحي شعر بالعطش، فنادى على أهل إحدى الخيم، فخرجت له عجوز، واستسقاها، فنادت على ابنتها، وطلبت منها أن تحضر الماء، فأحضرته، وحينما رأته كان على كتفه قطعة من حبل “رمة” كان يربطها على كتفه منذ أن كان صغيرًا، وكان يتدلى من هذا الحبل تعويذة، وقد احتفظ بها حتى كبر.

وعندما رأته مي وعلى كتفه هذه القطعة، قالت له: خذ يا ذا الرمة، وعندما نظر إلى وجهها ورأى جمالها نشأ عنده الوله والعشق الأبدي، الذي أبقاه في قلبه حتى مات.

وبما أن ذو الرمة كان دميمًا، وكانت مي فتاة شديدة الجمال، فقد تزوجت من غيره، وقد وصفها ذو الرمة، حيث أنشد فيها دالًا على أن أجمل ما فيها عينيها وابتسامتها مع نعومة جمالها ورقة منطقها، قائلًا:

لَها بَشَرٌ مِثلُ الحَريرِ وَمَنطِقُ
دَقيقُ الحَواشِي لا هُرآءٌ وَلا نَزرُ

وَعَينانِ قالَ اللَهُ كونا فَكانَتا
فَعولانِ بِالأَلبابِ ما تَفَعلُ الخَمرُ

وَتَبسِمُ لَمحَ البَرقِ عَن مُتَوَضِّحٍ
كَنَورِ الأَقاحِي شافَ أَلوانَها القَطرُ

فَما زِلتُ أَدعو اللَهَ في الدَارِ طامِعا
بِخَفضِ النَوى حَتَّى تَضَمَّنَها الخِدرُ

فَلَمّا اِستَقَلَّت في حُمولٍ كَأَنَّها
حَدائِقُ نَخلٍ القادِسِيَّةِ أَو حَجرُ

رَجَعتُ إِلى نَفسِي وَقَد كَادَ يَرتَقي
بِحَوبائِها مِن بَينِ أَحشائِها الصَدرُ

وَحَيرانَ مُلتَجٍّ كأَنَّ نُجومَهُ
وَرآءَ القَتامِ العاصِبِ الأَعيُنُ الخُزرُ

تَعَسَّفتُهُ بِالرَكبِ حَتَّى تَكَشَّفَت
عَنِ الصُهبِ وَالفِتيانِ أَرواقُهُ الخُضرُ

وَماء هَتَكتُ الدِمنَ عَن آجِناتِهِ
بِأَسارِ أَخماسٍ جَماجِمُها صُعرُ

تَرَوَّحنَ فَاعصَوصَبنَ حَتَّى وَرَدنَهُ
وَلَم يَلفِظِ الغَرثَى الخُدارِيَّةَ الوَكرُ

كما وصفها بما يؤكد جمال وجهها، وطول الخد والأنف وسمات الحسن، وذلك حينما قال عنها:

بَرّاقَةُ الجيدِ وَاللَبّاتِ واضِحَةٌ
كَأَنَّها ظَبيَةٌ أَفضى بِها لَبَبُ

بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ مِن عَقَدٍ
عَلى جَوانِبِهِ الأَسباطُ وَالهَدَبُ

عَجزاءُ مَمكورَةٌ خَمصانَةٌ قَلِقٌ
عَنها الوِشاحُ وَتَمَّ الجِسمُ وَالقَصَبُ

زَينُ الثِيابِ وَإِن أَثوابُها اِستُلِبَت
عَلى الحَشِيَّةِ يَوما زانَها السَلَبُ

نبذة عن ذي الرمة

هو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي الربابي التميمي، من شعراء العصر الأموي، ولد في نجد في الجزيرة العربية.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: