قصة قصيدة لهوى النفوس سريرة لا تعلم

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة لهوى النفوس سريرة لا تعلم

أمّا عن مناسبة قصيدة “لهوى النفوس سريرة لا تعلم” فيروى بأن أبو الطيب المتنبي أراد في يوم أن يزور أنطاكية في تركيا، فخرج من الرملة وتوجه إليها، وبينما هو في طريقه إلى هنالك نزل في مدينة طرابلس في لبنان، وكان في هذه المدينة رجل يقال له أبو إسحاق الأعور، وكان هذا الرجل جاهلًا، وكان يجلس معه ثلاثة رجال، وهم من بني حيدرة، وكان بين والدهم وبين المتنبي عداوة قديمة، وعندما دخل أبو الطيب إلى مجلسه، ومضت فترة وهو جالس من دون أن يقوم بمدحه، وعندما غادر أبو الطيب أرادوا أن يفتنوا ما بينه وبين أبي الطيب، فقالوا له: والله إنّا لا نرضى لك بأن يخرج من مجلس من دون أن يقوم بمدحك، وإن فعل ذلك فهو يستنقص منك.

فبعث أبو إسحاق إلى أبي الطيب المتنبي بكتاب يطلب فيه به أن يقوم بمدحه، فبعث له أبو الطيب بأنه كان قد أقسم بأن لا يقوم بمدح أي أحد إلى مدة، وذكر له المدة، فأعاق عليه أبو إسحاق الخروج من المدينة حتى تنتهي تلك المدة، وبقي في المدينة ما يزيد على الأربعين يومًا، وفي هذه الأربعين يومًا مات الثلاثة رجال الذين فتنوا ما بينه وما بين أبي إسحاق، فأنشد أبو الطيب المتنبي قصيدة يهجوه فيها، قائلًا:

لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
عَرَضاً نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ

يا أُختَ مُعتَنِقِ الفَوارِسِ في الوَغى
لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنكِ وَأَرحَمُ

يَرنو إِلَيكِ مَعَ العَفافِ وَعِندَهُ
أَنَّ المَجوسَ تُصيبُ فيما تَحكُمُ

راعَتكِ رائِعَةُ البَياضِ بِعارِضي
وَلَوَ أَنَّها الأولى لَراعَ الأَسحَمُ

لَو كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِبا
فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ

وَلَقَد رَأَيتُ الحادِثاتِ فَلا أَرى
يَقَقاً يُميتُ وَلا سَواداً يَعصِمُ

وَالهَمُّ يَختَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً
وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ

ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ
وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ

وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ
يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ

لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ
وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ

وعندما ذابت الثلوج عن المدينة، خرج منها وتوجه على ظهر حصانه إلى مدينة دمشق في سوريا، فاتبعه أبو إسحاق برجال، ولكنهم لم يستطيعوا اللحاق به.

نبذة عن أبي الطيب المتنبي

هو أبو الطيب المتنبي أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي، ولقبه شاعر العرب.


شارك المقالة: