قصة قصيدة ما استمت أنثى نفسها في موطن

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ما استمت أنثى نفسها في موطن

أمّا عن مناسبة قصيدة “ما استمت أنثى نفسها في موطن” فيروى بأن عنترة بن شداد كان شاعرًا فارسًاشجاعًا لا يقبل على نفسه الدنيئة، فالجوع بالنسبة له أهون من أن يأكل طعامًا خبيثًا دنيئًا، حتى وإن أدى به هذا الجوع إلى التهلكة، وكان عنترة يفخر بأخلاقه حتى أنه في يوم من الأيام وصف عدوه وهو يقتله في ارض المعركة بأنه كريم، حينما قال:

فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ
لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ

وبهذا قد رفع من مكانة عدوه، ودعاه بالكريم، ووصفه بانه حينما مات، مات ميتة الأبطال في أرض المعركة، وكان عنترة بن شداد يعشق حصانه الذي عايشه في كل معاركه ضد أعدائه، فقد قال وهو يصور ما به من آلام جسدية ونفسية:

فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ
وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ

لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى
وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي

وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَذهَبَ سُقمَها
قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقدِمِ

وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً
مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَآخَرَ شَيظَمِ

وبهذا قد عدّ عنترة فرسه كأنها قطعة من جسده، وبمثل هذه الرحمة والرقة تجاه فرسه كان عنترة يعامل النساء، إن كنّ سبايا أو كنّ غير ذلك، فكان إذا قام بسبي امرأة، لم قرب منها إلا بعد أن يقوم بدفع الصداق الخاص بها إلى أهلها، وكما كان للسبايا عنده حرمة، كان لنساء جيرانه، وخاصة إن كان هذا الجار صديقًا من أصدقائه، فبذلك لا يفكر حتى بالاقتراب من زوجته، ويغض طرفه عنها، ولا يهواها، وبذلك يقول:

ما اِستَمتُ أُنثى نَفسَها في مَوطِنِ
حَتّى أُوَفّي مَهرَها مَولاها

وَلَما رَزَأتُ أَخاً حِفاظَ سِلعَةً
إِلّا لَهُ عِندي بِها مِثلاها

أَغشى فَتاةَ الحَيِّ عِندَ حَليلِها
وَإِذا غَزا في الجَيشِ لا أَغشاها

وَأَغَضُّ طَرفي ما بَدَت لي جارَتي
حَتّى يُواري جارَتي مَأواها

إِنّي اِمرُؤٌ سَمحُ الخَليقَةِ ماجِدٌ
لا أُتبِعُ النَفسَ اللَجوجَ هَواها

وَلَئِن سَأَلتَ بِذاكَ عَبلَةَ خَبَّرَت
أَن لا أُريدُ مِنَ النِساءِ سِواها

وَأُجيبُها إِمّا دَعَت لِعَظيمَةٍ
وَأُغيثُها وَأَعِفُّ عَمّا ساها

وبكل هذا مثّل عنترة بن شداد خير مثال على ما كان في العصر الجاهلي من مروءة كانت موجودة عند عامة العرب في تلك الأيام.

نبذة عن عنترة بن شداد

عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد العبسي، وهو أحد أشهر الشعراء في العصر الجاهلي، واشتهر بشعر الفروسية.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "شرح نهج البلاغة" تأليف ابن أبي الحديد كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: