قصة قصيدة ما زلت يوم الهاشمية معلما:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ما زلت يوم الهاشمية معلما” فيروى بأنه في يوم من الأيام، وبينما كان معن بن زائدة في مجلس الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، قال له الخليفة: والله إني لا أظن بأن الذي قيل عنك بأنك تظلم أهل اليمن، وتقسو عليهم إلا حقًا، فقال له معن: وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟، فقال له: لقد وصلني أنك قد أعطيت مروان بن أبي حفصة ألف دينار جائزة له عندما أنشدك:
مَعنُ بنُ زائِدَةَ الَّذي زيدَت بِهِ
شَرَفاً عَلى شَرَفٍ بَنو شَيبانِ
جَبَلٌ تَلودُ بِهِ نِزارٌ كُلَّها
صَعبُ الذُرى مُتَمَنِّعُ الأَركانِ
إِن عُدُّ أَيّامُ الفَعالِ فَإِنَّما
يَوماهُ يَومُ نَدىً وَيَومُ طِعانِ
تَمضي أَسِنَّتُهُ وَيُسفِرُ وَجهُهُ
في الرَوعِ عِندَ تَغَيُّرِ الأَلوانِ
يَكسو الأَسِرَّةَ والمَنابِرَ بَهجَةً
وَيَزينُها بِجَهارَةٍ وَبيانِ
كِلتا يَدَيكَ أَبا الوَليدِ مَعَ النَدى
خُلِقَت لِقائِمٍ مُنصُلِ وَعِنانِ
جَلَبَ الجِيادَ مِنَ العَراقِ عَوابِساً
قُبَّ البُطونِ يُقَدنَ بِالأَرسانِ
جُرداً مُحَنَّبَةً تُعاضِدُ في السُرى
بِالبيدِ كُلَّ شِمِلَّةٍ مِذعانِ
فقال له معن: نعم يا أمير المؤمنين، لقد أعطيتهُ ألف دينار، ولكنّي قد أعطيته إياها على قوله:
ما زِلتَ يَومَ الهاشِمِيَّةِ مُعلِماً
بِالسَيفِ دونَ خَليفَةِ الرَحمانِ
فَمَنَعتَ حَوزَتَهُ وَكُنتَ وِقاءَهُ
مِن وَقعِ كُلِّ مُهَنَّدٍ وَسِنانِ
أَنتَ الَّذي تَرجو رَبيعَةُ سَيبَهُ
وَتُعِدُّهُ لِنُوائِبِ الحَدَثانِ
فُتَّ الَّذينَ رَجَوا نَداكَ وَلَم يَنَل
أَدنى بِنائكَ في المَكارِمِ باني
إِنّي رَأَيتُكَ بِالمَحامِدِ مُغرَماً
تَبتاعُها بِرَغائِبِ الأَثمانِ
فَإِذا صَنَعتَ صَنيعَةً أَتمَمتَها
وَرَبَيتَها بِفَوائِدِ الإِحسانِ
فخجل الخليفة من نفسه، وأخذ يحفر بالمخصرة، ومن ثم رفع رأسه، وقال لمعن: اجلس يا أبا الوليد.
نبذة عن الشاعر مروان بن أبي حفصة:
هو مروان بن أبي حفصة سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأموي، وهو من الشعراء ذوي الطبقة العالية، وهو أحد شعراء صدر الإسلام، ولد في عام مائة وخمسة للهجرة في اليمامة في إقليم نجد في الجزيرة العربية في أسرة عريقة من الشعراء.
أدرك مروان العصر العباسي والعصر الأموي، وقام بمدح العديد من الخلفاء والأمراء، توفي في عام مائة واثنان وثمانون للهجرة في بغداد في العراق ودفن فيها.