من أسوء الصفات التي يمكن أن يمتلكها الإنسان هي الطمع، وفي العادة لا تنفع هذه الصفة صاحبها، بل إن هذه الصفة تضره أكثر مما تنفعه، ومن ذلك ما حصل مع شاعرنا لهذا اليوم، وهو زكي الدين القوصي، ونقص عليكم خبره مع الملك المظفر.
من هو زكي الدين القوصي؟
هو زكي الدين بن عبد الرحمن بن وهيب القوصي، شاعر من شعراء العصر المملوكي، من أهل مدينة حماة، اتصل بالملك المظفر.
قصة قصيدة متى أراك ومن تهوى وأنت كما
أما عن مناسبة قصيدة “متى أراك ومن تهوى وأنت كما” فيروى بأن زكي الدين بن عبد الرحمن القوصي دخل في يوم من الأيام إلى مجلس ملك مدينة حماة الملك المظفر محمد بن الملك المنصور، وكان ذلك قبل أن يصبح ملكًا، ووقف بين يديه، ورد عليه السلام، وجلس مع ندماءه، وبينما هم جالسون أخذ زكي الدين ينشد أبياتًا من الشعر، قال فيها:
متى أراك ومن تهوى وأنت كما
تهوى على رغمهم روحين في بدن
يمدح الشاعر في هذا البيت الملك المظفر، ويتمنى بأن يراه هو ومن يحب في المكان الذي يريده.
هناك أنشد والآمال حاضرة
هنئت بالملك والأحباب والوطن
فأعجب الملك بشعره، ووعده إن أصبح ملكًا على مدينة حماة أن يعطيه ألف دينار جزاء له عليها، وبعد أن أصبح الملك المظفر ملكًا، دخل زكي الدين إلى مجلسه، وأنشده أبياتًا من الشعر قال فيها:
مولاي هذا الملك قد نلته
برغم مخلوقٍ من الخالق
والدهر منقادٌ لما شئته
فذا أوان الموعد الصادق
فأمر له بألف دينار، وأقام معه فترة من الزمان، ولكنه بعد ذلك سافر، وأنفق جميع أمواله في سفره، ولم يبق معه أي مال ينفق منه، فأنشد قائلًا:
إن الذي أعطوه لي جملةً
قد استردوه قليلاً قليل
فليت لم يعطوا ولم يأخذوا
وحسبنا الله ونعم الوكيل
وكان وقتها يعيش في بيت أنزله فيه الملك، وعندما صلت أبياته إلى الملك، أخرجه من ذلك البيت، فأنشد قائلًا:
أتخرجني من كسر بيتٍ مهدّمٍ
ولي فيك من حسن الثناء بيوت
فإن عشت لم أعدم مكاناً يضمني
وأنت فتدري ذكر من سيموت
وعندما بلغت هذه الأبيات إلى الملك، أمر بوضعه في السجن، فقال له: ما هو الذنب الذي اقترفته يا مولاي، فقال المك: حسبنا الله ونعم الوكيل، وأمر بقتله، فلما تيقن من أنه ميت أنشد قائلًا:
أعطيتني الألف تعظيماً وتكرمةً
يا ليت شعري أم أعطيتني ديني
الخلاصة من قصة القصيدة: مدح الشاعر زكي الدين القوصي الملك المظفر، وبعد أن أصبح ملكًا أمر له بألف دينار، أنفقها في سفره، وكانت هذه الألف دينار سببًا في مقتله.