قصة قصيدة متى تصحو وقلبك مستطار
أمّا عن مناسبة قصيدة “متى تصحو وقلبك مستطار” فيروى بأن الخليفة العباسي محمد الأمين بن هارون الرشيد، كان في يوم من الأيام يمشي في قصره، وبينما هو في مسيره رأى أحد الجاريات، وكانت هذه الجارية تمشي وهي تجر أذيالها من شدة سكرها، وعندما رآها الخليفة أعجب بها وبشدة جمالها، فراودها عن نفسها، وعندها قالت له الجارية: يا مولاي، إنّني جارية لك منذ زمن، ولم تعرني أي انتباه، فلم أكن أعلم بأنك معجب بي، فأمهلني حتى أهيئ نفسي لك، وآتيك غدًا، فوافق الخليفة، وعاد إلى حجرته.
وفي اليوم التالي انتظر الخليفة أن تأتيه الجارية، ولكنها لم تأتي، وبعد طول انتظار منه أيقن بأنها لن تأتيه، وعندها خرج من مجلسه، وتوجه إلى غرفتها، ودخل عليها، وسألها عن سبب تخلفها عن وعدها، فأجابته الجارية بأن لام الليل يمحوه النهار، فضحك ضحكًا شديدًا، وغادر غرفتها وتوجه عائدًا إلى مجلسه، وطلب خادمه، وسأله إن كان هنالك أحد من الشعراء على الباب، فقال له الخادم بأن الرقاشي ومصعب على الباب، فأمره بأن يدخلهم، فدخلوا عليه، وعندما وقفوا بين يديه، طلب منهما أن ينشداه شعرًا على أن يكون آخره كلام الليل يمحوه النهار، فأنشد الرقاشي قائلًا:
متى تَصحُو وقلبُكَ مُستطار
وقد مُنعَ القَرارُ فلا قَرار
ُوقد تَرَكَتْكَ صَبًّا مُستهاماً
فتاةٌ لا تَزورُ ولا تُزارُ
إذا استنجزتَ منها الوعدَ قالت
كلامُ الليلِ يَمحوهُ النهارُ
وقال مصعب:
أَتعذلني وقلبي مُستطارُ
كئيبٌ لا يَقَرُّ لَهُ قَرار
بِحبِّ مليحةٍ صادت فؤادي
بأَلحاظٍ يخالطُها احورار
ُ
ولما أَن مددتُ يَدي إليها
لأَلمسَها بدا منها نِفارُ
فقلتُ لها عِديني منكِ وَعداً
فقالت في غدٍ منكَ المَزَارُ
فلما جئتُ مُقتضياً أَجابت
كلامُ الليلِ يَمحوهُ النهارُ
نبذة عن الشاعر الفضل الرقاشي
هو أبو العباس الفضل بن عبد الصمد بن الفضل الرقاشي، وهو أحد شعراء العصر العباسي، ولد في مدينة البصرة في العراق، انتقل إلى بغداد، واتصل بالخلفاء العباسيين، وقام بمدح هارون الرشيد وابنه محمد الأمين، وقام بمدح البرامكة أيضًا، وكان يهجو أبو نواس وأبو نواس يهجوه، ولم يمنعهما عن بعضهما سوى الموت.