قصة قصيدة مررت على حدثي برمان بعدما
أما عن مناسبة قصيدة “مررت على حدثي برمان بعدما” فيروى بأن أرطأة بن سهية كان يتردد إلى ديار بني غنى، حيث كان يهوى فتاة من فتياتهم، وكان كلما زار الحي جلس وتحدث معها، وقد كان أرطأة شديد التعلق بهذه الفتاة التي يقال لها وجزة، وفيها أنشد قصيدة، قال فيها:
وداوية نازعتها الليل زائراً
لوجزة تهديني النجوم الطوامسُ
ولاح سهيل من بعيد كأنه
شهاب ينحّيه عن الريح قابس
وأعرضت الشعري العبور كأنها
معلق قنديل عليها الكنائسُ
أرقت بدير الماطرون كأنني
لساري النجوم آخر الليل حارسُ
أعوج بأصحابي على القصد تعتلي
بنا عرض كسريها المطي العرامسُ
ومن عجب الأيام أن كل منزل
لوجزة من أكناف زمانَ دارسُ
فقد تركتني لا أعيجُ بمشرب
فأروى ولا الهو إلى من أجالسُ
وقد جاورت قصر العذيب فما يرى
بزمان الا ساخط العيش بائسُ
طلاب بعيد واختلاف من النوى
اذا ما أتى من دون وجزة قادسُ
وفي يوم من الأيام افترق الحبيبان، ولم يعد يراها، وحال الزمان بينه وبينها، وكبر الاثنان، وفي يوم من الأيام اجتمع قومه وقومها في نفس المكان، وفي ذلك اليوم كان أرطأة يمشي في مرابع الحي، وبينما هو في مسيره، مر من عندها، وكانت قد هرمت وتغيرت ملامحها، وذهب جمالها، ولم تعد تلك الفتاة التي عرفها من قبل، فجلس معها وأخذ يتحدث إليها، وشك بها همه، وشكت له هي همها، وأخبرا بعضهما بما فعلت فيهما الأيام، وعندما أراد أن يغادر، نادى على راعيه، وأمره بان يحضر عشرة من الإبل، وأعطاها لها، ومن ثم انصرف، وأنشد في ذلك قائلًا:
مررت على حدثي برمان بعدما
تقطع أقران الصبا والوسـائل
فكنت كظبي مفلت ثم لـم يزل
به الحين حتى أعلقته الحبـائل
نبذة عن أرطأة بن سهية
هو أرطاة بن زفر بن عبد الله بن مالك بن شداد بن عقفان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، وهو شاعر فصيح من شعراء صدر الإسلام والعصر الأموي.