قصة قصيدة منحت أبا الحسين صميم ودي
أمّا عن مناسبة قصيدة “منحت أبا الحسين صميم ودي” فيروى بأن أبو محمد عبد الله بن محمد الأكفاني النصري خرج في يوم من الأيام وهو ما يزال صبيًا صغيرًا مع عمه أبو عبد الله الأكفاني، ورجل يقال له أبو الحسين بن لنكك، ورجل يقال له أبو عبد الله المفجع، ورجل يقال له أبو الحسن السباك، وكان ذلك في يوم من أيام العيد، فمشا الرجال ومعهم عبد الله بن محمد حتى وصلوا إلى بيت رجل يقال له نصر بن أحمد الخبز أرزي، وكان جالس يخبز على طابق له.
فدخل الرجال عليه وجلسوا معه، وهنأوه بالعيد، وأخذوا يسألون عن حاله وعن أخباره، وكان بينما يتحدث إليهم يضع الخشب تحت الطابق، ومن كثر الخشب ازداد الدخان في المكان، فقام الرجال من شدته، فقال نصر لأبي الحسين: متى سوف أراك يا أبا حسين؟، فقال له: عندما تتسخ ثيابي، وكان يومها يرتدي ثيابًا جديدة، شديدة البياض.
ومن ثم خرج الرجال من عنده وأخذوا يسيرون في المدينة، حتى وصلوا إلى بيت رجل يقال له أحمد بن المثنى، فدخلوا عليه، وجلسوا عنده، وبينما هم جالسون قال أبو الحسين: يا أصدقائي، إن نصرًا لن يدع مجلسنا عنده من دون ان يقول في خبره شيء، فعلينا أن نسبقه إلى ذلك، ومن ثم طلب ورقة، وكتب عليها:
لنصر في فؤادي فرط حبٍ
أنيف به على كل الصحاب
أتيناه فبخـرنـا بـخـوراً
من السعف المدخر للثياب
فقمت مبادراً وظننت نصراً
أراد بذاك طردي أو ذهابي
فقال: متى أراك أبا حسين؟
فقلت له: إذا اتسخت ثيابي
وبعث بالأبيات إلى نصر، وعندما قرأها نصر كتب له بكتاب قال له به:
منحت أبا الحسين صميم ودي
فداعبني بألـفـاظ عـذاب
أتى وثيابه كقـتـير شـيب
فعدن له كريعان الشـبـاب
ظننت جلوسه عندي لعـرس
فجدت له بتمسيك الـثـياب
فقلت: متى أراك أبا حسين؟
فجوابني: إذا اتسخت ثيابـي
فإن كان الترفه فـيه خـير
فلم يكنى الوصي أبا تـراب
نبذة عن الخبز أرزي
نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون البصري أبو القاسم توفي، من شعراء العصر العباسي، ولد في مدينة البصرة في العراق، وكان أميًا، يبيع خبز الأرز في دكان له في البصرة، أقام في البصرة معظم حياته، ولكنّه في نهاية حياته انتقل إلى مدينة بغداد وعاش بها حتى توفي.