قصة قصيدة - هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرف عن قصة قصيدة “هذا الذي تعرف البطحاء وطأته”:

أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو همام بن غالب يكنى أبو فراس وكان يلقب “بالفرزدق” فهو شاعرًا من شعراء العصر الأموي، فكان يتصف بالأخلاق الحميدة وحيث اتصف الفرزدق بأخلاق حميدة فكان محبوب عند قومه فكان الفرزدق يقدس قبر والده كثيرًا، عرف الفرزدق عند العرب الجاهلية ذو شأن عظيم، فكان أول من أسلم من قومه وأجداده.

أمّا عن مناسبة القصيدة “هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ” هذه القصيدة التي تعرف بالبطحاء قيلت في مدح الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه زين العابدين، عندما ذهب هشام بن عبد الملك إلى الحج وسعيه لكي يصل للحجر الأسود ولكنه لا يستطيع الوصول إليه؛ بسبب كثرة الحجاج في تلك الفترة، فلما عجز عن الوصل للحجر الأسود جلس على الكرسي مع كبار أهل الشام لينظر للحجاج وفي هذه الموقف جاء الإمام علي بن الحسين زين العابدين لكي يحج، فطاف بالكعبة ولما انتهى من الطواف ابتعد عنه الحجاج لكي يتمكن من الوصول إلى الحجر الأسود، تعجب الذين كانوا جالسين مع هشام بن عبد الملك فقال رجل من رجال أهل الشام: من هذا؟، فرد عليه هشام: لا أعرفه!، وهناك كان الفرزدق جالسًا فقال لهم: أنا أعرفه، ثم قال هذه القصيدة في مدح:

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ
وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

يقول الفرزدق ويعرف هشام بن عبد الملك وكبار أهل الشام بأض ن الإمام علي بن الحسين “زين العابدين” أنه شخص معروف بمكة المكرمة وأيضاً أنه معروف في مواقع الحل والحرم.

البيت الثاني هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ
هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ

يبدأ الشاعر بكلمة “هذا” وهذا يدل على أن علي بن الحسين هو شخص قريب للناس وأيضاً معروف بينهم وهنا أراد الفرزدق أن يوضح رسالة قوية لهشام ويقول له: أنه خير عباد الله ثم وصفه بالطهارة والنقاء وأنه ذات شخصية كريمة.

هذا ابنُ فاطمَةٍ إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ
بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا

وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه
العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ

كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا
يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ

حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا
حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ

ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ
لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ

عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ
عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ

إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها
إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ

وهنا يبين الشاعر بأن الإمام علي بن الحسين كان يشعر مع قومه ويشاركهم همومهم الثقيلة، ويحمل المعاناة، فكان زين العابدين كثير السخاء وثم يكمل في وصف زين العابدين بأنه يمتاز بعدة من الصفات ومنها الإحسان وأخلاقه الحميدة، وفي هذا البيت يشير إلى أن علي بن الحسين جاء رحمة إلى الناس.

يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه
فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ

بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ
من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ

يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ
رُكْنُ الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ

الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ
جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ

أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ،
لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ

مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا
فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ

يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ
عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ

مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِياءِ لَهُ؛
وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ

مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ،
طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ

يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ
كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ

من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ

مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ،
في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ

إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ،
أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم

لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ
وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا

هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ،
وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ

لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ؛
سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا

يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ
وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ

وهنا في هذه الأبيات يصف مدى اهتمام علي بن الحسين بحبه للدين وكرهه للكفار وثم يذكر أنه من آل البيت يأتي بعد ذكر الله في كل بداية ونهاية الكلام، وبعد ذلك يصف آل البيت بما فيهم من جود وكرم.

المصدر: كتاب " الشعر و الشعراء " تأليف أبو قتيبةكتاب " ديوان الفرزدق في الشعر " إعداد علي فاعوركتاب " الموجز في الشعر العربي " للشاعر فالح حجية الكيلانيكتاب " الكامل في التاريخ " تأليف ابن أثير


شارك المقالة: