قصة قصيدة هل تعرف الدار مذ عامين أو عاما
أمّا عن مناسبة قصيدة “هل تعرف الدار مذ عامين أو عاما” فيروى بأنه حينما قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتعيين أبو موسى الأشعري واليًا على العراق، توجه أبو موسى إلى العراق، واستلم منصبه واليًا عليها، وفي يوم من الأيام أتاه الشاعر الحطيئة وكان أبو موسى الأشعري يجمع جيشًا لكي يغزو، فدخل إليه الحطيئة، وطلب منه أن يكتبه معه، ولكن أبا موسى الأشعري أخبره بأن العدة قد تمت، فمدحه بقصيدة قال فيها:
هَل تَعرِفُ الدارَ مُذ عامَينِ أَو عاما
داراً لِهِندٍ بِجَزعِ الخَرجِ فَالدامِ
تَحنو لِأَطلائِها عينٌ مُلَمَّعَةٌ
سُفعُ الخُدودِ بَعيداتٌ مِنَ الذامِ
وَقَد أُغادي بِها صَفراءَ آنِسَةٍ
لا تَأتَلي دونَ مَعروفٍ بِأَقسامِ
خَوداً لَعوباً لَها رَيّا وَرائِحَةٌ
تَشفي فُؤادَ رَذِيِّ الجِسمِ مِسقامِ
يا لَهفَ نَفسي عَلى بَيعٍ هَمَمتُ بِهِ
لَو نِلتُهُ كانَ بَيعاً رابِحاً نامي
أُريدُهُ ما نَأى عَنّي وَأَترُكُهُ
مِن بَعدِ ما كانَ مِنّي قيسَ إِبهامِ
نَفسي فِداكَ لِنُعمى تُستَرادُ لَها
وَلِلزُحوفِ إِذا هَمَّت بِإِقدامِ
وَجَحفَلٍ كَبَهيمِ اللَيلِ مُنتَجِعٍ
أَرضَ العَدُوِّ بِبُؤسى بَعدَ إِنعامِ
جَمَعتَ مِن عامِرٍ فيهِ وَمِن أَسَدٍ
وَمِن تَميمٍ وَمِن حاءٍ وَمِن حامِ
وَما رَضيتَ لَهُم حَتّى رَفَدتَهُمُ
مِن وائِلٍ رَهطِ بِسطامٍ بِأَصرامِ
وعندما مدح الحطيئة أبا موسى رضي الله عنه بهذه القصيدة، قام أبو موسى بإعطائه صلة جزاءً له عليها، وبلغ خبر ذلك إلى أمير المؤمنين عمر ب الخطاب، فكتب له معاتبًا إياه لإعطاء الحطيئة صلة مقابل مدحه إياه، فبعث له أبو موسى الأشعري بأنه إنما أعطاه الصلة ليس لأنه مدحه بل ليشتري بها عرضه، فبعث له أمير المؤمنين بأنه قد أحسن الفعل.
نبذة عن الشاعر الحطيئة
هو جرول بن أوس بن مالك العبسي، ويكنى أبو مليكة، وهو أحد الشعراء المخضرمين، وأدرك العصرين الجاهلي والإسلامي، اشتهر بكونه أحد أعنف الشعراء هجاء على مر التاريخ، ولم يكد يسلم من لسانه وشعره أحد، فقد قام بهجاء أمه وأبيه.
وكان من أكثر من قام بهجائهم رجل يقال له الزبرقان بن بدر، فقام الزبرقان بشكوته إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقام الخليفة بوضعه في السجن، وبينما هو في السجن أنشد أبياتًا يستعطفه فيها فأخرجه ونهاه عن هجاء الناس، فقال له: إذا يموت أبنائي من الجوع.