قصة قصيدة هل كنت في منظر ومستمع
أمّا عن مناسبة قصيدة “هل كنت في منظر ومستمع” فيروى بأن أخوال أبو زبيد الطائي كانوا من بني تغلب، وكان من عادته أن يقيم في ديارهم، وكانت إبله ترعى مع إبلهم، وكان عنده غلام يهتم بإبله ويرعاها له، وفي يوم من الأيام غزت قبيلة بهراء قوم أخواله، ومروا بغلامه، وكانوا يريدون قتله، فقام بإعطائهم إبل أبو زيد الطائي لكي يتركوه في حاله، وقال لهم: إن أتيتم معي فسوف أدلكم على عورة القوم، وبالإضافة إلى ذلك سوف أقاتل معكم، فلحقوا به، وقاتلوا القوم، ولكن بني تغلب تمكنوا منهم وهزموهم، وقاموا بقتل الراعي، وعندما وصل خبر ذلك إلى أبي زيد الطائي، أنشد قائلًا:
هل كنت في منظرٍ ومستمع
عن نصر بهراء غير ذي فرس
تسعى إلى فتية الأراقم
واستعجلت قبل الجمان والقبس
في عارضٍ من جبال بهرائها الأولى
مرين الحروب عن درس
فبهرة من لقوا حسبتهم
احلى وأشهى من بارد الدبس
لا ترة عندهم فتطلبها
ولا هم نهزة لمختلس
صمت عظام الحلوم إن قعدوا
عن غير عي بهم ولا خرس
تقود أفراسهم نساؤهم
يزجون أجمالهم مع الغلس
صادفت لما خرجت منطلقاً
جهم المحيا كباسلٍ شرس
تخال في كفه مثقفةً
تلمع فيها كشعلة القبس
بكف حران ثائرٍ بدمٍ
طلاب وترٍ في الموت منغمس
وعندما انتهى من قصيدته، وسمع أهل قبيلة تغلب بها، قرروا أن يعطوه دية غلامه راع الإبل، وأن يعوضه عن الإبل التي فقدت منه، وبالفعل بعثوا له بكامل نقوده، فأنشد فيهم قائلًا:
أَلا أَبلِغ بَني عَمرٍو رَسولاً
فَإِنّي في مَوَدَّتِكُم نَفيسُ
فَما أَنا بِالضَعيفِ فَتَظلِموني
وَلا جافي اللِقاء وَلا خَسيسُ
وَلَكِنّي ضَبارِمَةٌ جَموحٌ
عَلى الأَقرانِ مُجتَرِئٍ خَبوسُ
أَفي حَقِّ مُواساتي أَخاكُم
بِمالي ثُمَّ يَظلِمُني السَريسُ
نبذة عن أبو زبيد الطائي
هو حرملة بن المنذر بن معدي كرب من بني طيء، وأخواله من تغلب. وكانت منازل قومه في الرقة بالجزيرة من أعلى العراق، كان نصرانيا، أتى إلى الوليد بن عقبة والي الكوفة ونادمه زمنا. ولما عزل عثمان بن عفان الوليد، عاد أبو زبيد إلى الرقة وهنالك توفّي.