قصة قصيدة وإذا شهدت لثغر قومي مشهدا
أمّا عن مناسبة قصيدة “وإذا شهدت لثغر قومي مشهدا” فيروى بأن الجرير كان عند الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق، وكان الحجاج قد أعطاه الأمان، بعد أن ملأ قلبه بالخوف منه، وعندما توجه الحجاج إلى البصرة، ووقتها الجرير والفرزدق يتهاجيان ويتسابان لمدة السبعة أعوام قبل أن يأتي إلى البصرة، وكان وقتها الجرير مقيم في البادية في منطقة يقال لها المروت، والفرزدق يقيم في العراق، وكانا مستمران في هجاء بعضهما البعض.
وعندما رأى قوم الجرير وهم بنو يربوع بأن شعر الفرزدق في جرير كان أكثر انتشارًا من شعر الجرير في الفرزدق، بعثوا إلى الجرير بكتاب، كتبوا له فيه بانه مقيم في المروت، ولا يوجد عنده أي أحد يروي عنه شعره لكي ينتشر بين الناس، وبأن الفرزدق في العراق قد ملأها عليه شعرًا منذ سبعة أعوام، وعندما وصل الكتاب إلى الجرير توجه إلى العراق، ودخل إلى البصرة، وأقام فيها، وفي خبر ذلك أنشد قائلًا:
وإِذا شَهدْتُ لثَغْرِ قَوْمي مَشْهَداً
آثَرْتُ ذاكَ على بَنِىَّ ومالى
وقد كان انتقال الجرير من البادية إلى العراق، لكي يدافع عن سمعة قبيلته، ولكي يقوم بتحسين صورتها أمام الناس، وطلبًا لكي يتم نشر شعره في كافة الآفاق، وبسبب ذلك كله كان الجرير والفرزدق من أوائل الإعلاميين في العصر الإسلامي.
نبذة عن الشاعر الجرير
هو أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفى بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الكلبي اليربوعي التميمي، ولد في عام ستمائة وخمسون ميلادي في نجد في الجزيرة العربية، وهو واحد من أشهر الشعراء في العصر الأموي، وفي كافة العصور حتى يومنا هذا.
كان قد اشتهر في شعر الهجاء، ولكن له شعر في المدح والفخر أيضًا، عاصر الشاعر الفرزدق، وكان بينهما نقائض جعلت الناس تعتقد بأنهما يكرهان بعضهما البعض، على الرغم من صداقتهما القوية، ومن ذلك القصيدة الجميلة التي أنشدها الجرير رثاءً للفرزدق حينما وصله خبر موته.
توفي في عام سبعمائة وثمانية وعشرون ميلادي في نجد.