قصة قصيدة - وإني لتعروني لذكراك رعدة

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن الشاعر عروة بن حزام:

أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو عروة بن حزام الضني، يعد شاعرًا من ميتمي العرب؛ لأن والده توفي وهو صغيرًا وقد كفله عمه حتى أصبح شابًا، فعروة أحب ابنة عمه تدعى “العفراء”.

عروة بن حزام عندما كبر وأصبح شابًا طلب العفراء من والدها ولكن والدها طلب منه مهرًا لا يقدر عليه، فذهب إلى اليمن عند عمه لكي يحصل على المهر الذي طلبه والد عفراء، وعندما حصل على المال عاد إلى مدينة لكي يتزوجها ولكن وجدها قد تزوجت بغيره.

ما لا تعرف عن قصة قصيدة “وإني لتعروني لذكراك رعدة”:

نشأ عروة في بيت عمه بعد أن توفي أبوه، وعاش في هذا البيت مع إبنة عمه، وبعد أن كبرا وأصبحا في عمر الشباب افترق عروة عن إبنة عمه، ولكن كان قد أحبها ووقع غرامها في قلبه، كما وقعت هي في حب وغرام ابن عمها عروة، وقبل أن يرحل عروة عن بيت عمه كان عمه قد وعده بأن تكون ابنته زوجة له.

وعندما أراد عروة بن عزام أن يخطب ابنة عمه ذهب إلى عمته هند لتذهب معه إلى عمه وتخطب عفراء له، فذهبت معه وطلبتها له ولكن أبو العفراء صدم عروة عندما قال بأنه لايرفض بأن يزوجها إياه وأنه يرغب بذلك ولكن قلة مال عروة يمنعه من ذلك في هذا الوقت فلا بد من عدم التسرع والانتظار حتى يصيب عروة بعضًا من المال.

وبعدها بفترة وصل الخبر لعروة بأن رجل ذا مال يريد خطبة العفراء فأسرع إلى عمه وقال له: يا عمي لقد وصلني بأن رجلًا قد تقدم لخطبة العفراء فإن وافقتَ على ذلك قتلتني وسفكت دمي، فاستحلفتك الله أن توفي بعدك وتزوجني إياها فرد عليه عمه وقال: ياعروة إنك فقير وليس لديك المال، وحالنا من حالك، ولن أزوج العفراء لأحد سواك، ولكن أمها لن تقبل أن تزوجها إلا بمهر غالٍ، فذهب عروة لعند أمها لعلها تعطف على حاله، لكنها رفضت ذلك إلا بمهر غالي.

فوافق عروة على ذلك ووعدهم بأنه سيحظر لها المهر الذي يطلبوه، على أن يعدوه بأن لا يزوجوها لغيره، فوافقوا على ذلك، وبعدها اتجه عروة إلى أحد أقربائه وكان ثريًا وكان وهو في الطريق إلى هنالك ينشد:

تحملت من عفراء ما ليس لي به
ولا للجبال الراسيات يدان

فيارب أنت المستعان علي الذي
تحملت من عفراء منذ زمان

كأن قطاة علقت بجناحها
علي كبدي من شدة الخفقان

وكان طوال هذه الرحلة يردد ما يذكره من صفات العفراء ويقول فيها الشعر حتى هزل حاله ونقص وزنه فكان يقول:

متي تكشفا عني القميص تبينا
بي الضر من عفراء يافتيان

إذ تريا لحما قليلا وأعظما
بلين وقلبا دائم الخفقان

وقد تركتني لا أعي لمحدث
حديثا وان ناجيته ونجاني

علي كبدي من حب عفراء قرحة
وعيناي من وجدي بها غرقان


وعندما وصل إلى بيت قريبه قال له قصته، فعطف لحاله وأعطاه مائة من الإبل، ففرح فرحًا شديدًا وأخذها وهمّ عائدًا إلى بيت عمه حاملًا معه المهر الذي طلبوه منه بل وأصبح بهذا الكم من الإبل ثريًا وذا مكانة بين قومه.

ولكن بينما هو في هذه الرحلة مرّ أحد الأثرياء بمدينة عفراء ورآها فأحبها وأراد أن يظهر لها ولأهلها مدى ثرائه، فأمر خدمه بأن يقوموا بنحر الإبل، وسأل عن عفراء وعرف من هي وبنت من تكون، فذهب إلى ابيها وخطبها منه، وكان أباها رفض ذلك واخبره بأنها مخطوبة لإبن عمها الذي سوف يعود قريبًا لكي يتزوجوا، ولكن أمها وافقت على أن تزوجها له بعد أن رأت مدى ثرائه وأقنعت زوجها بذلك، وعندما رأت العفراء ذلك دهشت وقالت:

ياعرو إن الحي قد نقضوا
عهد الإله وحاولوا الغدرا

ولكن لم تستطع العفراء فعل شيء وسط اصرار أهلها على أن يزوجوها، فزوجوها إياه وأقاموا ثلاثة أيام ثم رحلوا إلى الشام. ولم يكن لها حول ولا قوة أمام إصرار أهلها على زواجها من هذا الأموي، الذي استطاع أن يتزوجها بالفعل، ويقيم بالحي ثلاثة أيام، ثم يرحل بها إلى الشام.

وعندما عاد عروة إلى المدينة ومعه مهر العفراء أخبره عمه بأنها قد ماتت وكان قد اتفق مع أهل المدينة على أن يخبروه بذلك، فحزن عروة لذلك حزنًا شديدًا وذهب إلى قبرها وبقي هنالك يبكي حتى رقّ عليه أحد سكان المدينة وأخبره بالحقيقة، وعندما عرف عروة بذلك سافر إلى الشام لعله يراها، وعندما وصل إلى الشام ذهب إلى بيتها وطلب من زوجها أن يستضيفه فاستضافه. وعندما علمت العفراء بخبر وصوله أخبرت زوجها بقصتهما فعطف لحالهما وسمح لهما بالجلوس لوحدهما لكي يتحدثا.

وعاد عروة إلى مدينته ولم ينسى ما فعله به عمه وقال في ذلك:

فياعم ياذا الغدر لا زلت مبتلي
حليفا لهم لازم وهوان

غدرت وكان الغدر منك سجية
فالزمت قلبي دائم الخفقان

وبقي الحزن والألم يسكنانه وحاول أقربائه أن ينسوه العفراء ولكنهم لم يستطيعوا وأصبح يردد:

وإنّي لتعروني لذكراكِ رعدة ٌ
لها بين جسمي والعظامِ دبيبُ

وما هوَ إلاّ أن أراها فجاءة ً
فَأُبْهَتُ حتى مَا أَكَادُ أُجِيبُ

وأُصرفُ عن رأيي الّذي كنتُ أرتئي
وأَنْسى الّذي حُدِّثْتُ ثُمَّ تَغِيبُ

وَيُظْهِرُ قَلْبِي عُذْرَهَا وَيُعينها
عَلَيَّ فَمَا لِي فِي الفُؤاد نَصِيبُ

وقدْ علمتْ نفسي مكانَ شفائها
قَرِيباً وهل ما لا يُنَال قَرِيبُ

حَلَفْتُ بِرَكْبِ الرّاكعين لِرَبِّهِمْ
خشوعاً وفوقَ الرّاكعينَ رقيبُ


شارك المقالة: