قصة قصيدة وإني لمشتاق إلى ظل صاحب:
أمّا عن مناسبة قصيدة “وإني لمشتاق إلى ظل صاحب” فيروى بأن المأمون في يوم بعث إلى علوية وأصحابه لكي يأتوه إلى مجلسه، وبينما هم في طريقهم إليه، لقيهم رجل يقال له عبد الله بن إسماعيل وهو صاحب المراكب، فأوقفهم وقال لعلوية: أيها الظالم، ألا تستحي من عريب، فهي تحبك؟، وكانت عريب من أكثر الفتيات جمالًا، وأكثرهن ظرافة، وكانت صاحبة صوت جميل، فقال له علوية: خذني إليها، فمشى عبد الله بن إسماعيل وتبعه علوية حتى وصلوا إلى بيتها، فدخل إليها، وقال لعبد الله: أغلق الأبواب، فإن الناس فضوليون، ولن يتركونا نجلس حتى يكدروا علينا جلوسنا.
وعندما دخل علوية إلى المنزل، وجدها جالسة في وسط الغرفة على كرسي، وبين يديها ثلاثة قدور، وعندما رأته، وقفت، وركضت إليه، وعانقته، وقبلته، وأجلسته، وقالت له: ماذا تريد أن تأكل؟، فقال لها: أي شيء من القدر التي بين يديك، فقامت وأفرغت ما في أحد القدور بينه وبينها، وأكلا، ثم أمرت بأن يحضروا الشراب، وأخذا يشربان، حتى ذهب عقلهما، فقالت له: يا أبا الحسن، لقد قرأت يوم أمس شعرًا لأبي العتاهية، وأحببت أن أسمعك شيئًا منه، فقال لها: وما هو؟، فأنشدت قائلة:
وإني لمشتاقٌ إلى ظِلِّ صاحبٍ
يَرِقُّ ويصفو إن كَدُرْتُ عليه
عذيري من الإنسان! لا إن جفوته
صفا لي، ولا إن كنتُ طوع يديه
ثم قالت له: لقد بقي فيه شيئًا غير صالح، فأصلحه، فقال لها: ليس فيه هذا، فقالت له: بلى، هنالك في موضع كذا، فقال لها: أنت أعلم، فصححه لها، وبينما هما جالسان، جاء الحجاب وكسروا الباب، وأخرجوا علوية من المجلس، وساقوه إلى مجلس الخليفة المأمون، وأدخلوه غليه، فدخل وهو يرقص، ويصفق بيداه، ويغني بصوت عال، ما غنته له عريب، فسمع المأمون ما غنى، وأعجب به، وقال له: اقترب يا علوية، فاقترب منه، فقال له: أعد ما غنيت، فأعاده سبع مرات، فقال له المأمون: أنت من تشتاق إلى ظل صاحب؟، فقال له: نعم، فقال له المأمون: خذ كل ما عندي وأعطني صاحبك بدلًا منها، ومن ثم سأله عن خبره فأخبره، فقال له المأمون: قاتلها الله.
نبذة عن أبو العتاهية:
هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، واحد من أشهر شعراء العصر العباسي، واتصل بالخلفاء العباسيين.