قصة قصيدة واذا انتهى عزي وشاخت قوتي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة واذا انتهى عزي وشاخت قوتي

أمّا عن مناسبة قصيدة “واذا انتهى عزي وشاخت قوتي” فيروى بأنه في يوم من الأيام أغار اللصوص على قبيلة سعد بن ورقة، وأخذوا من عندهم إبلًا، فقرر أبو ورقة أن يلحق بهم، ولكنه قبل أن يخرج في طلبهم سمع بأن سلمى مريضة، توجه إلى بيتها، وقال لأبيها: أخبرني عما بها؟، فقال له أباها: ليس بها شيء، ولكنها كلما خرجت من غرفتها ترى غرابًا كبيرًا يطاردها، ولم يره أي منا، كما أنها ترى أشياء وأشخاص لا نستطيع أن نراهم، وبسبب ذلك قد لازمت غرفتها، وهي لا تخرج منها أبدًا، وقد حاولنا أن نعالجها، ولكن لم نستطع ذلك، فقال له: هل يمكنني أن أراها قبل أن أسافر؟، فقال له أباها: اذهب في سفرك، وعندما تعود منتصرًا نطلب منها أن تراك إن شاء الله، فقال له ابن ورقة: سمعًا وطاعة، فقال له عمه: لا بد أن تعود بعد أسبوع لكي تتمكن من اللحاق بزفاف أخيك، فقال له: إن شاء الله.

توجه سعد بن ورقة إلى خيمته، وحمل سيفه، وركب على حصانه، وخرج متوجهًا إلى الشرق، لاحقًا باللصوص، وعندما أتى الليل، أصابه التعب، فنزل في وادي، وربط حصانه، وصلى، وفرش بردته على الأرض لكي ينام، وعندها سمع صوت غناء وطرب قريب منه، وكان الصوت غريبًا، ولم يسمع مثله من قبل، فعلم بأنهم من الجن، لأن ذلك الوادي معروف بأنه مسكن لهم، فقام، وركب على حصانه، وتوجه إلى واد آخر.

ونزل عن حصانه، وفرش بردته، وجلس، ولكنه سمع الأصوات مرة أخرى، وبدأت الأصوات بالاقتراب منه، فنادى فيهم: إني أريد أن أنام، ألا يوجد عندكم إكرام للضيف وعابر السبيل؟، أبمثل هذا تزعجون من نزل عندكم؟، اذهبوا وغنوا في مكان آخر، فقال له أحدهم: أنت من جئت إلينا، فارحل من هنا، فقال ابن ورقة: إن كنت رجلًا أظهر نفسك، ولا تتكلم معي وأنت مختفي كالجبناء، فظهر له، وكان كأنه في الثلاثين من عمره، عيناه كأنهما الجمر، جسده ممشوق، وبنيته قوية، ويحمل سيفًا يلمع كأنه ذهب، وقال له: أتنعتني بالجبن في موطني، وأمام قومي؟، والله لن أتركك، ومن ثم نادى على من معه، فظهر لابن ورقة ما يقرب من الأربعين فارسًا، وجميعهم على هيئة الأول، فقال لهم: من أين أنتم؟، هل أنتم من الجن أم من الإنس؟، فقالوا له: لن نجيبك على سؤالك، وهجموا عليه.

بدأ الفرسان بالهجوم على ابن ورقة، فأخرج سيفه، وبدأ يضرب بهم، ولكن ضرباته لم تكن تصيبهم، وكانت كلها في الهواء، وبدأوا يضحكون عليه، ومن ثم تمكنوا من الإمساك به، وأوثقوه بالسلاسل، وحملوه هو وحصانه، حتى أوصلوه إلى كهف في الجبل، وأدخلوه في هذا الكهف، وخرجوا وأغلقوا باب الكهف بصخرة كبيرة، ومن ثم ذهبوا.

نام ابن ورقة، وفي الصباح استيقظ، وقام وصلى، ومن ثم أخرج بعضًا من الطعام، وأكل، ومن ثم قام إلى الصخرة وحاول أن يحركها، ولكنه لم يستطع ذلك، فقد كانت كبيرة، فبدأ يحفر تحتها حفرة، لكي تنزل إلى الأسفل، ولكن الرمال كانت قليلة، فلم يكن إلى ذلك من سبيل أيضًا، وعندها بدأ يدعو الله ويقول: اللهم أنت القائل: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}، اللهم إني مضطر، وقد مسني السوء، فاكشفه عني، ومن ثم جلس ينتظر الفرج من ربه، ومر اليوم الأول، ومن ثم الثاني، ومن ثم الثالث، وهو يدعو الله، وماءه وطعامه كادا أن ينفذا، فأنشد قائلًا:

واذا انتهى عزي وشاخت قوتي
فالله يرحم من يبدل لونه

فهو الذي اجرى السحاب بمائه
وهو الذي خلق الانام وكونه

يا ملجئي بالعفو اطلب راجــيا
اجعل لعبدك مخرجا كن عونه

وبعد أن انتهى أحس بتعب شديد، وغلب عليه النعاس، فنام، وبينما هو نائم، رأى بأن الصخرة قد أزيلت، وخرج من الكهف، وتوجه إلى اللصوص، وقاتلهم، وانتصر عليهم، وعاد إلى قومه منتصرًا، ورأى سلمى، وكانت شديدة الجمال، وقد شفيت من مرضها، وتزوج منها، وكان سعيد سعادة لا توصف، ولكنه عندما استيقظ، وجد بأنه ما زال في الكهف، فأحس بالغم بعد أن كان قد شعر بالسعادة في منامه.

وفي اليوم الخامس سمع صوتًا خارج الكهف، فاقترب من الصخرة، ونظر من ثقب صغير بها، فرأى من احتجزوه، وكان معهم شيخ كبير، يقول لهم: إن مات هذا الرجل، فلن أدع أحدًا منكم على قيد الحياة، فأزاحوا الصخرة، وخرج ابن ورقة من الكهف، واستسمح منه الشيخ، ومن بعد ذلك أكمل ابن ورقة طريقه إلى اللصوص، وقاتلهم وانتصر عليهم، وعاد منتصرًا إلى دياره.

نبذة عن سعد بن ورقة

هو شخصية وهمية في رواية الغراب المتهم لطارق اللبيب.

المصدر: كتاب "شرح المنهاج" تحقيق عيد محمد عبد الحميدكتاب "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" تأليف ابن عثيمين كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي


شارك المقالة: