قصة قصيدة والله ما ندري إذا ما فاتنا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “والله ما ندري إذا ما فاتنا” فيروى بانه في يوم من الأيام وبينما كان أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان جالسًا في مجلسه، ومن حوله ندمائه وجلسائه، يتبادلون أطراف الحديث، ويبحث معهم شؤون الدولة، أتاه وفد من بني ضنة، وهم من منطقة يقال لها قضاعة، واستأذنوا للدخول عليه، وحينما أذن لهم، دخلوا ووقفوا بين يديه، وسلموا عليه أفضل السلام، فرد عليهم سلامهم، ومن ثم تقدم رجل منهم يقال له مسعود الضني، وسلم على الخليفة، ومن ثم أنشده قائلًا:
والله ما ندري إذا ما فاتنا
طلب إليك من الذي نتطلب
ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد
أحداً سواك إلى المكارم ينسب
فاصبر لعادتنا التي عودتنا
أو لا فأرشدنا إلى من نذهب
فسّر أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان بما سمع من هذا الرجل، وأمر خادمه أن يحضر له ألف دينار، وحينما أتاه بها، أمره بأن يعطيها له، مقابل ما قال من شعر، ففرح مسعود الضني، وشكر الخليفة، ودعا له، ثم غادر مع قومه، عائدًا إلى دياره.
وفي العام التالي، وبينما كان الخليفة في مجلسه، جالسًا مع ندمائه، أتى مسعود الضني إلى باب مجلسه، واستأذن للدخول عليه، فأذن له، فدخل إليه، وسلم عليه بأفضل السلام، وأنشده قائلًا:
يرب الذي يأتي من العرف إنه
إذا فعل المعروف زاد وتمما
وليس كبان حين تم بناؤه
يتبعه بالنقض حتى تهدما
فسّر أمير المؤمنين بما سمع منه، وأمر خادمه بأن يحضر له عشرة آلاف درهم، وحينما أتاه بها، أمرها بأن يعطيها إلى مسعود الضني، ففرح مسعود بذلك، ودعا له خير دعاء، وتوجه عائدًا إلى دياره، ثم عاد إليه في العام الثالث، وهو في مجلسه، ودخل عليه، وسلم عليه، وأنشده قائلًا:
إذا استمطروا كانوا مغازير في الندى
يجودون بالمعروف عودا على بدء
فأمر أمير المؤمنين رجلًا من رجاله أن يحضر له ثلاثة آلاف دينار، وأعطاها له، ففرح بذلك، ودعا له، وعاد إلى دياره.
نبذة عن مسعود الضني:
هو مسعود بن بشر الضني، وهو من ضنة بن سعد وهي فرع من فروع قضاعة، وهو من ولد عمرو بن مرة الجهني.