قصة قصيدة وقلت لها يا عز أرسل صاحبي
أمّا عن مناسبة قصيدة “وقلت لها يا عز أرسل صاحبي” فيروى بأن جميل بن معمر وكثير عزة التقيا في يوم من الأيام، فقال جميل: إنّي قد اشتقت للقاء بثينة، وأريدك أن تذهب إليها وتأخذ لي موعدًا منها، فقال له كثير: ويحك يا جميل، لقد جئت من ديارهم للتو، وأهلها مجتمعون، ومن المستحيل أن أستطيع أن أقف معها وأكلمها من دون أن يلتفت إلينا القوم، فقال له جميل: أعرف ذلك، ولكن لابد أن يكون هنالك طريقة نحتال بها عليهم، وبعد أن جلسا يفكران في طريقة لكي يحتالوا بها على القوم، قال له كثير: أريد منك أن تعطيني علامة إن سمعتها بثينة عرفت بأن الكلام لها منك، فقال له جميل: في آخر مرة التقيتها بها، كنا في واد، وبينما نحن جالسون اتسخ ثوبها من أوراق الشجر، فقامت وغسلته، فتركه كثير ، وسار إلى ديارها، وقال لعمها: أريد أن أسمعك بعضًا من الشعر قلته في عزة، فقال له عمها: هات ما عندك، فأنشد كثير قائلًا:
وَقُلتُ لَها يا عَزَّ أَرسَلَ صاحِبي
عَلى نَأيِ دارٍ وَالرَسولُ مُوَكَّلُ
بَأَن تَجعَلي بَيني وَبَينَكِ مَوعِداً
وَأَن تَأمُريني بِالَّذي فيهِ أَفعَلُ
وَآخِرُ عَهدٍ مِنكَ يَومَ لَقيتَني
بِأَسفَلِ وادي الدَومِ وَالثَوبُ يُغسَلُ
وكانت بثينة تستمع لما كانوا يقولون، ففهمت من ما قصد، وبأن جميل قد اخبره بهذه العلامة، كي يأتيها ويخبرها بأنّه يريد لقائها، ومن فورها صاحت قائلة: إخسأ، فقال لها عمها: من هو الذي يخسأ؟، فقالت له: كلب كان يأتينا في أواخر الليل، وأصبح يأتينا في الصباح، ففهم كثير بأنّها تريد أن تقابل جميل في المساء، وانصرف من عند القوم، وتوجه إلى عند جميل، وأخبره بما قالت بثينة، وأخبره بأن يذهب إليها في الليل، فذهب إليها جميل عندما حل الظلام، والتقى بها.
نبذة عن الشاعر كثير عزة
هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي، يكنّى بأبي صخر. شاعر من شعراء العصر الأموي، اشتهر بأنّه متيم، وهو من أهل المدينة المنورة، ولكن أمضى أكثر أيامه في مصر، وكان من الشعراء الذين اختصهم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.