قصة قصيدة ولما رأيت الرقم فوق جدارها
أمّا عن مناسبة قصيدة “ولما رأيت الرقم فوق جدارها” فيروى بأنه كان هنالك مواطن من أهل المدينة المنورة واسمه أحمد فالح المغامسي، وكان يسكن مقابل المسجد النبوي، وفي يوم من الأيام أتى أمر بأن يتم هدم بيته المجاور لمسجد النبي صل الله عليه وسلم، وذلك لأنّهم كانوا يقومون بعمليات توسعة للمسجد، فحزن الرجل حزنًا شديدًا لأنّه سوف يفارق جوار أفضل الخلق محمد صل الله عليه وسلم، وكتب في ذلك قصيدة، وهو يبكي، قال فيها:
ولمّا رأيت الرقم فوق جدارها
وأيقنت أنَّ الهدم أصبح ساريا
بعثت إليكم بالبريد رسالتي
وأرفقتها شرحاً عن الدار وافيا
وأخليتها والعين تذرف دمعها
والابن يصرخ والبنات بواكيا
فإن جاءت الآلات تهدم منزلي
وأصبح بنياني على الأرض هاويا
فلا ترفعوا ذاك الركام بقسوة
ستلقون قلبي تحته كان باقيا
فمَن لي بجار يشرح الصدر ذكره
و مَن لي بدار كان للخير دانيا
فإن كنت تبكي إن سمعت مصيبتي
.. فإني سأبقى طيلة العمر باكيا
سلامٌ على دار الرسول وأهلها
فقد صرت بعد القرب بالدار نائيا
ورد عليه الشاعر عبدالله عقلان
أيا صاحب الدار التي جاء ذكرها
بطيبة والاشواق تهفو دوانيا
قرأت لك الابيات حين رسلتها
فسمع أحد الشعراء المصريين بقصيدة هذا المواطن، وتعاطف معه، وبعث له قائلًا: عندما قرأت قصتك وما قلت من شعر، لم أستطع أن أتوقف عن البكاء، وكتبت لك بهذه القصيدة:
يا صاحب الدار التي بلغني ذكرها
لما سمعت مصابك هان مصابيا
قد حق لك البكاء بحرقة
غير أن الدمع لن يفيدك حاليا
آجرك الله علي مبتلاك يا أخي
وطيب قلبك حتي تصبح راضيا
كيف بحالك انت يا مسكين مفارقا
اذا كنت قد بت بالسمع باكيا
وان كنت ابكي فراق أحمد زائرا
فكيف الحال وقد كان أحمد جاريا
والله لا أري لمصابك خير خلفة
إلا جوار أحمد بالجنان العاليا
ف “يا رب” اخلف صاحبي بجواره
في الفردوس بعد عمر صافيا
واحشرني معه فقد رق قلبي لحاله
وانت أعلم يا الهي بحاليا
وصلي علي من جمعنا حبه
واسقني من حوضه واسقي اهليا
نبذة عن أحمد فالح المغامسي
هو الشيخ الأديب أحمد بن فالح المغامسي، وهو صاحب القصيدة الشهيرة “داري”، من أهل المدينة المنورة.