قصة قصيدة ويوم الوشاح من أعاجيب ربنا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ويوم الوشاح من أعاجيب ربنا” فيروى بأنّه كان هنالك قبيلة في مكة المكرمة، وفي هذه القبيلة كان هنالك عائلة لديهم جارية، وكانت هذه الجارية سوداء، وكانت قائمة على خدمتهم، وقد قامت هذه العائلة بعتق الجارية، ولكنّها اختارت أن تبقي عندهم، لأنّه ليس لديها أحد تذهب إليه، ولا حول لها ولا قوة، وكان لدى العائلة فتاة صغيرة.
وفي يوم من الأيام خرجت الفتاة إلى المكان الذي يغتسلون فيه، وكانت ترتدي وشاحًا، وكان لون هذا الوشاح أحمر، فوضعته بجانب المغتسل، ودخلت لكي تغتسل، وبينما هي في الداخل مرّ طائر من فوق الوشاح، واعتقده لحمًا كون لونه أحمر، فأخذه وطار به، وعندما خرجت الفتاة ولم تجد وشاحها، أخذت تصيح، فأتاها أهلها، وأخذوا يبحثون عنه، وعندما لم يجدوه اتهموا الجارية بأنّها أخذته، وقاموا بتفتيشها، وانتزعوا عنها ملابسها، ولكنّهم لم يجدوه، فهددوها وعذبوها، وبعثوا عنه في المكان الذي كانت تنام فيه.
وكانت هذه اللحظات عليها من أشد وأكرب اللحظات في حياتها، فقد أحست هذه الجارية بالمهانة والظلم الشديد والرخص والاحتقار، وضاقت عليها الدنيا، وانقطعت بها الطرق، فلا يوجد لديها أقرباء ينصرونها، ولا هي ذات نسب تحتمي به، وليس عندها القوة التي تلزمها لكي تدافع بها عن نفسها ممّا يفعلونه بها، وليس عندها الدليل الذي تستطيع أن تقدمه لهم لكي تثبت بأنّها بريئة من التهمة التي اتهموها بها، وفي هذه اللحظة نسيت هذه الجارية الأصنام التي تعبدها هي كما كان أهلها من قبلها، وتوجهت إلى الله عز وجل، الذي يجيب دعوة الداعي إن هو دعاه، مهما كانت الشدة التي هو بها، فدعنه هذه الجارية أن يظهر لهم براءتها، وأن يفرج عنها ما هي فيه، وأن يخلصها من التهمة التي ألصقوها بها.
وعندما دعت الجارية الله تعالى، استجاب لدعوتها، ففي تلك اللحظة أتى الطائر الذي سرق وشاح الفتاة، وألقاه من فوقهم، وعندما رأوه تيقنوا من براءتها، وبأنّهم كانوا قد ظلموها، فقالت لهم: لقد اتهمتموني بأني قد أخذت هذا الوشاح، وبذلك قد ظلمتوني، فها هو الوشاح أمامكم، ومن ثم قررت أن تغادر القبيلة وتتجه نحو المدينة المنورة، وعندما وصلت المدينة توجهت إلى بيت الرسول صل الله عليه وسلم، وأخبرت عائشة رضي الله عنها بقصتها، وأنشدت قائلة:
ويَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ أعَاجِيبِ رَبِّنَا
إلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي
حالة الشاعرة:
كانت حالة الشاعرة عندما ألقت هذا البيت الفرحة بأنّها قد نجت من الظلم الذي وقعت به، وبأنّ ما حصل معها إنّما هو بسبب استجابة الله سبحانه وتعالى لدعوتها.