ما لا تعرف عن ” يا كل عمري ونون النون “:
أمَّا عن مناسبة هذه القصيدة أنّ للشاعر عبدالله أولاد وكان أكبرهم خالد، درس خالد وأنهى تعليمه وتخرج من الجامعة وكان ذا كلام حسن وعُرف عنه بالفطنة والذكاء وفكان هو وجهًا من وجهاء العائلة يحبه الجميع، وبعد أن تعين قرر الزواج.
بعد مرور أربعة شهور من زواجه جهز بيته الذي كان قريبًا من بيت أهله وبدأ بتأثيث البيت لكي ينتقل إليه هو وزوجته، فكان عند خالد مشكلة بالقلب فركب له صمام وهو صغير.
وبعد العمل في البيت الجديد تعشى في تلك الليلة مع أهله وبعد العشاء ذهب إلى غرفته وبعد فترة قصيرة نادى على زوجته وقال لها: نادي على أبي وأمي أنَّي أريدهم على الفور، جنت زوجته عندما رأتهُ بهذه الحالة وذهبت بسرعة ونادت على أهله فأتوا إليه وقال له والده: ما حالتك؟، فرد عليه خالد: أنَّي أشعر أنْ منيتي قد دنت وزوجتي حامل وأوصيكم أنْ كان المولود ذكر سموه على اسم جدي وأن كانت أنثى سموها على اسم أمي وأريدكم أنْ تسامحوني إذا بدر مني أيّ شيء اتجاهكم.
فعندما سمعوا هذا الكلام فجنَّ جنونهم وقالوا: ما بك إلّا العافية! وعندما أحسّوا أنّ الألم قد أشدَّ عليه فنقلوه إلى المستشفى ولكنّه مات في الطريق، بعد أنْ توفي خالد بقيت الصحف تنشر عنه لمدّة شهر.
عاشت زوجة خالد بعد وفاته عند أهلها وأنجبت طفلة سموها ساره، فكبرت ساره وأصبح عمرها ما يقارب الثلاثة سنوات وخلال هذه الفترة كان أهل خالد يزورونها بأستمرار وفي نهاية كل أسبوع يأخذو ساره عندهم إلى البيت، فقد كان لأهل خالد أحفاد غيرها ولكن ساره لها محبة ومعزة أكثر من أي طفل آخر، فكانت بالنسبة لهم الحفيدة المدللة فكانوا يشترونا لها أجمل الملابس وأيضا كانوا يشترونا لها الذهب ولا يقصرون من ناحيتها بشيء.
فكان كل البيت يحبها وعندما ينادون عليها يقولون لها تعالي يا أمي! تعالي يا ابنتي! تعالي يا أبي! فكانت هذه البنت ذكية ولكنها لا تعرف من هو والدها من هولاء فكلما يقولوا لها تعالي يا ابنتي تضنه أباها، ومع مرور هذه الأيام والسنين والشهور فجرح فقد ابنهم ما زال عميقًا فكان يزداد عمقًا عندما يروا ساره أمامهم، فكان الشاعر أبا خالد عندما يرأ ساره في منزله يصعد في سيارته ويذهب إلى منطقة لا أحد فيها ويبدأ بالبكاء حتى يخرج ما في صدره من |ألم ووجع على فراق ابنه ثم يعود إلى البيت، وهكذا ما عبر عنه في قصيدة التي قال بها:
متى ما العباير ضيقت صدري المشحون
ونوت عينـي الحـرّا تنثـر عبايرهـا
ركبت المصفح مبعد الهقـوة المامـون
وتنزّحت بعيونٍ على الصبر عاسرهـا
تنحرّت لي رجمٍ على الوادي المصيون
تعلّيت بـه والعيـن جابـت ذخايرهـا
على فقد (خالد) .. ونتي ونة المطعون
تكض العيون الدمع والحزن حاشرهـا
أنا أظني أحيا ما بقالي وأنـا محـزون
من الصدمة اللي رب الأرباب خابرهـا
إلّا شفت ساره تدّرج بينهـم بالهـون
تعثر وتنهض وأقشـر الحـظ عاثرهـا
تنادي ببابا مـا درت ذخرهـا مدفـون
تعلّق بمن شافـت وتنخـى عشايرهـا
تنحيت عنهم وأسبلت عيني المخـزون
اطمّـن وألـدّ بناظـري لا يناظـرهـا
وإلّا خفّ حزني صحت يا ربعنا تكفـون
على الكبد حطّوهـا تطفـي سعايرهـا
هلا مرحبا يا كل عمري ونـون النـون
ضنا من خياله شايفه فـي نواظرهـا
أنا اشم ريحه فيك لو قيل لي مجنـون
عيون الخلي لو نامت الليـل عاذرهـا