قصة قصيدة يا أم داوي كبدي
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا أم داوي كبدي” فيروى بأن عنترة بن شداد كان في يوم من الأيام في أرض بني غيلان، وكان ذلك اليوم يومًا شديد الحر، والشمس ساطعة، فنزل تحت شجرة، يستظل بظلها، وكان معه أخوه شيبوب، وبينما هما جالسان سمعا صوت رجل حزين، وهو يقول: قاتلك الله يا مالك ما أقسى قلبك، ومن ثم سمعا صوتًا يترنم بأبيات من الشعر، وهو يقول:
يا أمّ داوي كبدي
بالماء من حر الظما
وابكي عليّ إنني
قد ملَّ جسمي السقما
قد كان دمعي منجدي
واليوم قد صار دما
وزاد جسمي سقما
وذاب قلبي ألما
حمامة الوادي اهتفي
وساعدي المتيما
نوحي عليَّ واصنعي
على بلائي مأتما
بحرمة العهد الذي
حفظت فيه الذمما
إن سألتك عبلة
قولي لها: قد عدما
واليوم يقضي نحبه
شوقًا إلى ذاك الحمى
يا عبل ما خلى الهوى
من رسم جسمي علما
والجسم مني قد وهى
والصبر مني انصرما
لما رأيت عبلة
مسيبةً سبي الأما
لكن بهذا قد قضى
في حكمه ربُّ السما
وعندما سمع عنترة بن شداد هذه الأبيات ظن بأنه نائم، وبأنه يحلم، فقام وتوجه صوب الصوت، فرأى بجانب نهر امرأة وبين يديها صبي، وكان هذا الصبي تارة يغمض عينيه، وتارة يشير بيده، والمرأة جالسة تبكي، وتقبل وجه هذا الغلام حزنًا وحنانًا، فاقترب منها عنترة، وقال لها: يا أمة الله، ما بال هذا الصبي لا يسمع مقالًا ولا ينظر يمينًا ولا يسارًا، فقالت له الامرأة: والله يا أخي، إن هذه لم تكن حاله من قبل، ولكن الأيام تأتي بما لا يخطر على بال، فقال لها: ومن يكون هذا الغلام؟، فقالت له: هو عنترة، وأمه اسمها زبيبة، وفي يوم كان يرعى الإبل، فرأى فتاة شديدة الجمال، وكان اسمها عبلة، فوقع في عشقها.
ومن ثم أكملت الامرأة قائلة: وهجم في يوم قوم، وقاموا بقتل أهلها، وأخذوها معهم سبية، وعندما وصل الخبر إلى هذا الغلام، غادر هائمًا حزينًا، وهو لا يعرف هداه، ولا يجد له ناصرًا على أعداه، فتعجب عنترة مما سمع من هذه الامرأة، ومن تشابه الأسماء بينه وبين هذا الغلام، ووعد هذه الامرأة خيرًا، ومضى نحو القوم الذين أخذوا حبيبة ذلك الغلام، ودخل عليهم، فوجد كبيرهم يشرب الخمر، وهي بجانبه تبكي وتنتحب، وتقول له: والله لن تنال مني، ووالله لن أخون ابن عمي لو قطعتني، وعندما سمع عنترة هذا الكلام، هجم عليه، وقتله، وأنقذ الفتاة، وأعادها إلى حبيبها.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الحزن على حبيبته التي أخذت منه.